Thursday, November 11, 2010

فايسبوك يردم الهوة بين سياسيي لبنان والمواطنين



Print Article
فايسبوك يردم الهوة بين سياسيي لبنان والمواطنين
نسرين عجبGMT 18:40:00 2010 الأربعاء 10 نوفمبر
كما هو الحال في بقية الدول العربيّة، لا يقتصر التواجد السياسي على فايسبوك على الرئيس اللبناني العماد ميشال سليمان فقط، بل ينسحب على كل السياسيين تقريبا، وان كان بدرجات متفاوتة. ويظلّ ذات الإشكال مطروحا في لبنان، إذ أن معظم الصفحات لا يشرف عليها السياسيون المعنيون بأنفسهم بل يتجند لها فريق من المعجبين.

 
صفحة الرئيس اللبنانيّ على فايسبوك
بيروت: "تعرف على الرئيس سليمان كزوج، أب، جد وانسان. نظرة أعمق على حياته الشخصية. حصرياً".. جملة ممهورة بصورة عائلية للرئيس سليمان مع أطفال يبدو أنهم أحفاده.
هذا ليس عنوان تحقيق صحفي في مجلة اجتماعية، بل اعلان يظهر أمامك وأنت تتصفح "بروفايلك" على فايسبوك. وتحت الصورة والجملة الإعلانية عدد أصدقائك الذين أحبوا هذه الصفحة وكلمة like، التي توحي لك بأنه دورك لتنضم إلى لائحة المعجبين.
وعندما تنقر على الصورة تظهر أمامك صفحة بإسم الرئيس سليمان ولكن هذه المرة في صورة رسمية وهو يمثل لبنان في الأمم المتحدة، وتتضمن الصفحة أخبار ونشاطات الرئيس السياسية والاجتماعية.
التواجد السياسي على فايسبوك لا يقتصر على الرئيس اللبناني فحسب، بل ينسحب على كل السياسيين، وان كان يتفاوت بين سياسي وآخر.
وتختلف أشكال هذا التواجد ايضاً، فالبعض ينحصر حضوره في مجموعة  "group" أنشأها له المعجبين، والبعض الآخر يذهب أبعد من ذلك من خلال امتلاكه حساباً شخصياً "personal account" يطل من خلاله كأي مواطن عادي يتواصل عبر الشبكة الاجتماعية، مع فارق أن الأصدقاء ليسوا أصدقاء دراسة أو عمل أو مشاريع أصدقاء، بل هم في الغالب معجبون، أو غير معجبين.
ردم فايسبوك الهوة بين السياسي المتربع على عرش مخملي وبين المواطن العادي، وتحوّل السياسي من النجم الذي لا يُرى إلا على المنابر وفي المناسبات الى شخص قريب يمكن التواصل معه من المنزل ومن دون رسميات.
وكباقي الوسائل الإعلامية، تحوّل فايسبوك إلى منبر للسياسيين، ولكنه منبر حرّ يقولون فيه ما يريدون من دون رقابة، وكأن عدوى الحديث الذي "ليس عليه جمرك" على الانترنت بين الناس عامة انتقل الى الساسة.
 أما الجمهور المستهدف فهو الشباب، وقد يكون كل ذلك نتيجة طبيعية للطابع الشبابي الذي يظهر في المجلس النيابي اللبناني الحالي.

فما هي حكاية السياسيين اللبنانيين مع الفايسبوك؟
تزامن انطلاق ظاهرة تواجد السياسيين على فايسبوك مع أحداث 7 أيار 2008، حيث برزت الانترنت كقوة اعلامية فاعلة وكساحة للاقتتال الافتراضي الذي حمل في طياته كماً لا يستهان به من الاحتقان.
وبعد سنتين على انتشار هذه الظاهرة، وفي جولة سريعة على الصفحات نكتشف أن وزير الداخلية والبلديات زياد بارود هو الأكثر شعبية، ففي الوقت الذي ينحصر الاعجاب بالسياسيين ومتابعتهم ضمن اطار مؤيدي الحزب أو الجهة السياسية التي اليها ينتمون، هناك شبه اجماع على بارود بين اللبنانيين، ويقارب عدد المنضمين الى صفحته الرسمية الـ 45 ألفاً، يزيدون كل يوم بوتيرة متسارعة. وقد تكون صفحاته على فايسبوك أحد الأماكن القليلة التي يلتقي فيها مناصروا 8 و14 آذار، وفيه قد تجد مصادفة مثلاً صورة السيد حسن نصرالله إلى جانب صورة سعد الحريري، طبعاً ممهورة بأسماء لبنانيين أحبوهم لدرجة أنهم وضعوا صورهم كصورة "بروفايلهم" الخاص.
هذا من ناحية الشعبية، أما من ناحية النشاط فقد يكون النائب نهاد المشنوق الأنشط بينهم، اذ لديه صفحة خاصة، وتعدى أصدقائه الـ 5000، وهو يدعوهم الى غرف دردشة عبر الانترنت.
ومن أصدقاء المشنوق على فايسبوك، حسن قاسم، وهو صحفي ناشط على الشبكة الاجتماعية و"صديق فايسبوكي" لعدد من السياسيين ويتواصل مع عدد منهم. ويشك قاسم أن يكون المشنوق هو من يتابع صفحته شخصياً، مشيراً الى أنها أشبه بموقع سياسي تغيب عنه الأخبار الشخصية.
وعن رأيه بظاهرة تواجد السياسيين على فايسبوك، والتي أجرى بحثاً موسعاً حولها في لبنان والعالم، يرى قاسم ان الفايسبوك لبى طموح أي لبناني في الحصول على منبر، و"اللبنانيون يحبون أن يكونوا نجوم".
واعتبر أن السياسيين يستغلون الشبكة العنكبوتية، فعبرها يمكن مخاطبة الكل حتى من لا يتابعهم عبر التلفزيون، وما يقال عبر فايسبوك لا يقال عبر بقية وسائل الإعلام، إذ لا رقابة عليه.
وذلك يجعل من فايسبوك بنظره جمهورية جديدة غير الجمهورية اللبنانية، جمهورية لها طبيعتها وقوانينها الخاصة، خصوصاً في التعامل بين اللبنانيين، فلا مراتب، الكل متساو ويملك حق التعبير عن رأيه من دون أن يخشى أن يرتد عليه ذلك بملاحقة قانونية.
أما الجانب السيء في الموضوع في رأي قاسم فهو أن العدد الأكبر من السياسيين لا يتابعون صفحاتهم شخصياً بل يقوم بذلك مساعديهم أو معجبيهم الذين يحوّلون صفحات بعضهم الى ما يشبه الموقع الالكتروني لدرجة توحي بتجند فريق عمل متكامل لهذه الغاية.
وهنا يطرح التساؤل عن تلاقي تواجد السياسيين عبر فايسبوك مع مبدأ الدعاية، وعن مدى المصداقية في الأخبار التي تنقل؟ وفي هذا الصدد، يعتبر قاسم أنه لا يؤخذ أكثر من 10% مما يقال على محمل الجد، لافتاً الى أنه على المراقب أن يميّز الأخبار الصحيحة من الدعائية.
بين العالمين الواقعي والافتراضي، يطرح البعض فرضية تحوّل فايسبوك إلى حكومة الكترونية. الا أن المعطيات تجعل من هذه الفرضية غير قابلة للتحقق، فهذا العالم افتراضي برمّته ولا يغيّر شيئاً من الواقع الحقيقي، والسياسيون على فايسبوك، وان كانوا يروجون لمشاريعهم السياسية، فإنهم لا يملكون أي سلطة تنفيذية، بل على العكس، قد تكون السلطة هذه المرة في يد المواطن الذي يقرّر من هو السياسيّ المحبوب أكثر من غيره.


Thursday, October 21, 2010

محترف "كيف تكتب رواية".. خطوة للانقاذ

محترف "كيف تكتب رواية".. خطوة للانقاذ
نسرين عجب

GMT 20:00:00 2010 الأربعاء 20 أكتوبر


نسرين عجب: "نعيش في حالة تصحر، وكأننا أنزلنا سقف المعايير لدرجة أنه بات يلامس الأرض، فقدنا الطموح، وصرنا نصفق لكل شيء"، بهذه الكلمات اختصرت الروائية والكاتبة نجوى بركات الواقع الثقافي في العالم العربي، ودقت ناقوس الخطر داعية الى التحرك لمنع الصمت الأدبي في بلدان كانت تتميز بالمطالعة.
محترف "كيف تكتب رواية"، هذه مبادرتها التي جاءت عصارة تجارب ووليدة شعور بفقدان التواصل مع عين خبيرة تراقب لتقول "هيدا حلو وهيدا لا". وعنها تقول: "انها لصحتي النفسية، وأحاول من خلالها أن أفعل شيئاً أحتاجه، وفق منظور ثقافي أدبي.. فلا يجوز أن يتوقف الأدب عندنا ولا يكون هناك جيل بعدنا".
ما هو محترف "كيف تكتب رواية"؟ ما هي جذوره وثماره؟ ما هو تقييمه بعد سنة من ابصاره النور؟ أسئلة حاولت ايلاف الاجابة عنها في هذا الحوار مع مؤسسته ومديرته نجوى بركات من مقر اقامتها في باريس.

كيف ولدت فكرة المحترف؟
قبل أن يوجد المحترف بشكله الحالي، ومن نهاية عام 2004 حتى عام 2005 بدأت أعمل على فكرة محترفات للعالم العربي. هذه الفكرة رائجة في الغرب حيث يكثر هذا النوع من الانشطة التي تعطى أحياناً كمادة تدريبية في الجامعات، في دول مثل الولايات المتحدة أو حتى في الجامعة الاميركية في بيروت، والتي أدخلت الكتابة الابداعية في المناهج. ولم تنبع فكرتي من أنها موضة دارجة في الغرب، بل أملاً في أن يكون ما هو منتشراً مدخلاً للاصلاح أو تعبئة لنقص أساسي جداً في العالم العربي.

عن اي نقص تتحدثين؟
النقص هو في رجع الصدى على الاعمال المنتجة، أشخاص يكتبون وللاسف دور النشر لا تحرّر ما يكتبونه. علماً أنه حتى الكتّاب المحترفين بحاجة لشخص مسؤول يتابع عملهم، يصححه ويجري عليه بعض التعديلات. وأنطلق هنا من تجربتي الشخصية، سافرت عندما كنت صغيرة وكان لبنان يتخبط بالحرب، وكان دائماً عندي شعور فظيع بغياب عين تقول لي "هيدا حلو وهيدا لا"، شعرت بفقدان هذا التواصل مع كاتب يهمني رأيه. بهذا المعنى أردت أن تدخل المحترفات الى العالم العربي، والفكرة كانت في التنقل بين عدد من البلدان العربية ولقاء كتّاب أو صحفيين، واقامة ورش عمل في الكتابة الابداعية.

كيف بدأت الفكرة وكيف تطورت؟
عندما بدأت المشروع أطلقت عليه اسم "كيف تكتب رواية"، فالمحترف بمعناه الحالي كان صعباً عليّ وحدي. بدأت هذه التجربة من الخرطوم حيث تسود الثقافة الفرنسية التي كنت جزءاً منها، وتتالت التجارب في دول أخرى كالمغرب، اليمن.... واكتشفت أهمية هذه المبادرة والحاجة اليها. كانت ورشة العمل تدوم 4 أو 5 أيام يكون العمل فيها كثيفاً لدرجة تثمر أحياناً انتاج بداية نص، مع أنها كانت تأخذني وقتاً لاخراج المشاركين من صورة مكونة لديهم وغائبة كلياً عن ماهية الأدب. وفي نهاية كل ورشة كنت المس نوعاً من الاحباط لدى المشتركين لأننا أوصلناهم الى منتصف الطريق وتوقفنا.

كم من الوقت يحتاج انتاج عمل أدبي؟ وما أهمية دور المحترف؟
يستحيل انتاج عمل أدبي في خلال أيام، فكما الجنين يحتاج الى 9 اشهر ليكتمل، الكتاب يحتاج الى عمل وجهد طويلين. وتوصلت الى أن محترف على مدة سنة هو الشكل الانسب والفعّال لبلورة فكرة الرواية منذ أن تخطر على بال الكاتب الى الدخول في حيثياتها وتفاصيلها ومناقشتها وتفاصيله حتى اكمالها. وغالباً ما يكون لدى الكاتب كمية من الافكار تنتج 20 رواية. وهنا أهمية وجود شخص محترف يرافقه في مراحل الكتابة ويدّله الى أن تلك الأمور ستؤدي به الى حائط مسدود ويرشده الى الطريق الصحيح، وذلك يحتاج الى وقت طويل.

ما هو تقييمك للمحترف في سنته الاولى؟
لأن بيروت عاصمة عالمية للكتاب ودار الساقي كانا الاطار المنظم للمشروع، لم تتح لي الفرصة لتنفيذ الفكرة كما اريد، ولكن نجاح المحترف من خلال أنجاز 3 روايات شجعني وغرس فيي الأمل بمستقبل للمشروع كحاجة حقيقية غير محصورة في بقعة معينة بل في كل الدول العربية.

الروايات الثلاث التي أنتجها المحترف أصحابها لبنانيين، علماً أنك أشرت الى أن المشروع يستهدف كل العرب، فلماذا جاءت النتائج على هذا الشكل، وما هي المعايير التي تعتمدينها في الاختيار؟
من الطبيعي أن يكونوا لبنانيين فأساس المشروع كان صغيراً جداً لا يُذكر. ومع أني تلقيت طلبات من بلدان عربية أخرى وقررت ألا أرفض أي منها لافساح المجال لغير اللبنانيين، وكان هناك مشاركين من سوريا واليمن الا أنهما لم يكملا.
معايير الاختيار لا علاقة لها بالعمر، ولا يشترط أن يكون لدى المشارك منشورات سابقة، الشرط الوحيد الذي أطالب فيه أن تكون الفكرة مقنعة وقابلة لأن تتحول الى رواية، وأن يكون صاحب الفكرة موهوباً ويملك القدرة والنفس طويل. ويفترض أن يكون العدد محدوداً جداً لذا لا أفتح المجال لمشاركة أكثر من 6 الى 10 أشخاص في كل حقل.

منذ بدء المشروع حتى الآن ما هي الأمور التي لفتتك وترغبين في تسليط الضوء عليها؟
يظن البعض أن الكتابة مسألة سهلة، الا أنها عمل مضني جداً وتتطلب التركيز والجهد. وأنا أؤمن بنخبوية الفن والادب، ولكن في أيامنا هذه يبدو أن هناك استهلاك لفكرة الكتابة لدرجة أن شخص يكتب مذكراته يعتقد أنه أصبح كاتباً. أتلقى كمية من الطلبات تدفعني بعضها أحيانا الى التفكير في اقامة ورشة عمل لمدة اسبوعين لتعليم مبادىء عامة للكتابة من دون مرافقة العمل. وهنا الفت الى أنه ليس شرطاً انتاج أعمال عبر المحترف بل المطلوب مرافقة الاشخاص الذين تبدو الموهبة واضحة عندهم من خلال خطوات أولى على أمل أن يتابعوا وحدهم الخطوات التالية، أي أسعى الى اعطائهم كل الادوات والأسلحة التي تخولهم تقرير ما هي الادوات الضرورية لكتابة رواية الى أن تصبح قابلة للنشر.

هل تتابعين المشاركين شخصياً؟ وكيف تكون المتابعة؟
أولاً أريد أن أوضح أننا لا ندرّب في المحترف، فهو معمل ابداعي وليس حلقة تدريب، وهو عبارة عن متابعة للفكرة وعمل على مادة حية لمن لديه فكرة جدية أو حاجة حقيقة ليقول شيء، وأقوم بذلك شخصياً.
أول لقاء يكون لقاء تعريف، وبعدها يتحول العمل الى ثنائي بيني وبين كل مشارك، ويكون العمل شبه سري انطلاقاً من احترام خصوصية الكاتب، فبعض الشخصيات يختارها وتكون موجودة في حياته الشخصية، وأنا أعتبر أنه يجب أن تكون محفوظة في مكان سري خاص. ومع الوقت تنمو علاقة روحية بيني وبينه ونتحدث عن الأشياء في عمقها.
الكتابة بقدر ما هي عملية واعية هي عملية غير واعية، دوري أن أكون كالمايسترو الذي يضبط الأمور، فهذا النوع من الاعمال يشبه فن العمارة، نحن نضع الاسس ونكون نعرف سلفاً ماذا نبني، بناية، فيلا، مستودع،... وأنا دوري أن أوجّه صاحب الفكرة وأدلّه على الأخطاء.
أنا مجبورة أن أعمل بشكل فردي فليس هناك تمويل، من هو الكاتب أو المسرحي الذي سأطلب منه أن يدخل في المشروع من دون مقابل؟ هذه المغامرة أنا أتحمل تبعاتها، ربما لأنني كنت آمل أن يكون هناك جهات تعرض خدماتها عندما تعرف بالمبادرة، ولكن للاسف لم يكن الواقع على قدر التوقعات، علماً أني لا أتحدث عن ميزانية بملايين الدولارات، بل هي ميزانية متواضعة جداً.

كم يحقق ذلك اشباعاً ذاتياً لك كنجوى بركات الكاتبة الانسانة؟
كي أكون صريحة، هذا العمل لا يحقق اشباعاً لأن كل مجهودك يحصده شخص آخر يوقعّ باسمه. وهو عمل لا جميل لك فيه وغير مغري لشخص يكتب لأنه يبعده عن عمله الخاص، خصوصاً لاشخاص يعيشون وضعنا ا الحالي والضغط اليومي الفظيع. الا أنه من زاوية أخرى هناك متعة في قدرتك على أن تكسبي رهانك على شخص تشعرين أنه موهوب.

اذا كيف يمكن أن نفسّر شغف شخص مثلك لمساعدة أشخاص هم سيحصدون في النهاية؟
استغرابك لم يأتي من العبث بل من الاوضاع السائدة، ما أفعله مدعاة للاستغراب لأنه استثناء، الا أنه شيء طبيعي يجب أن يتوفر في أي مكان في العالم يسود فيه جو ثقافي صحي.. عندما نقرأ عن الادب نسمع أنه في ظل الحركة والتيارات الثقافية، يدعم الناس بعضهم البعض وطوال عمره كان الادب يساهم في بناء الصداقات بين الأجيال. الثقافة هي حوار، هي أن تعطي بقدر ما تأخذين، وفي هذا الموقع تتحاورين مع فلسفة عصرك.. حتى ككاتبة تدخلين في اللعبة، واذا غاب الحوار وغاب رجع الصدى تموتين. للاسف أصبح كل شيء متداخلاً مع بعضه البعض، نشهد مهرجانات ضخمة وبرّاقة ولكن المضمون فارغ. وأنا لا الوم الكتاب أو المسرحيين، بل أدق ناقوس الخطر أننا أصبحنا نعيش في حالة تصحّر ثقافي. ومبادرتي هي لصحتي النفسية، وأحاول من خلالها أن أفعل شيئاً أحتاجه شخصياً، وفق منظور ثقافي أدب.. فلا يجوز أن يتوقف الأدب عندنا ولا يكون هناك جيل بعدنا. ولا يعقل أن يتحول بلد كان يتميز بالمطالعة الى بلد شبه صامت أدبياً، ذلك يشير الى أن هناك خلل ما.
اليأس والاحباط من واقعنا دفعاني باتجاه عمل أعرف أني أجيده وأريد أن ينفذ. اذا وصل المشروع الى الغاية المنشودة منه فذلك جيد واذا لم يصل أكون على الاقل حاولت، ففي النهاية لدي أموري الخاصة ولن أحرق أنفاسي.

أود أن انتقل معك الى المشكلة الاساسية. مع أهمية هذا المشروع الا أن هناك دائماً معوقات، يقول الناس لنا ما تفعلونه رائع، وعملياً ومادياً يكون المشروع في حالة خطر. وهنا أود أن أسألك كيف كانت أصداء المحترف وما هي معوقات استمراره؟
يكفي أن تزوري الموقع الالكتروني وتتابعي الاصداء حول المبادرة وما أثمرته، لم يزل الحديث فيه جار ان عبر المبادرة واعادة اطلاقها وتوسيعها لتطال المسرح والسينما أو عبر الروايات التي صدرت وستصدر. في هذا الاطار أنا راضية جداً، وأرى أن الناس تحمسوا مثلي وشجعوا المشروع وحاولوا ان يساعدوا كل من موقعه، كل ذلك يعزز المشروع ويعطيه مصداقية ويدفعه باتجاه الوصول الى الاشخاص المعنيين. المشروع نجح ويظهر ذلك في طلبات الاشتراك التي أتلقاها من مبتدئين ومحترفين على حد سواء.
أما عن المعوقات، فهي تحديداً في التمويل. كثر مثلي حاولوا ولكن في النهاية استسلموا، فعمل من هذا النوع لا يقوم على تجربة فردية. لا أستطيع أن أعمل وحدي، وموقفي يشبه من ربط حبل حول عنقه ووصل بقطار يدفع الى الجهة المعاكسة، فكيف سيقدر على الاستمرار؟

نلاحظ من حديثك أنك محبطة من الواقع، فما هي انتقاداتك له؟
أنا أنطلق من واقع حقيقي، نحن العرب نعاني من ضعف في السيناريو السينمائي، ونفتقد للنصوص المسرحية، نعمل بشكل فردي ولكننا لسنا موجودين كأفراد. مثلاً السينما اللبنانية معظم مواضيعها تتمحور حول فكرة مسافرين يعودون الى البلد. ليس طبيعياً ان نركّز على نقطة واحدة. وهناك أيضاً السينما التي تقتلها الايدلوجيات، في كل فيلم يجب أن تظهر الوطنية. كل شيء يجب أن نبدأ فيه من الاول، سبقنا العصر. لم يعد من المقبول أن نصفق لمخرج صفقوا له في الخارج. ضروري أن ننتقد.. طول عمره لبنان كان السقف فيه عال، كما هو الحال في مصر المغرب، العراق، ولكن الآن وكأننا أنزلنا السقف لدرجة أنه بات يلامس الارض، لم يعد عندنا طموح، أصبحنا نقول نعم لكل شيء.. أضيفي الى ذلك أن معيار الانتشار أصبح معيار الجودة. وهذا خطأ فليس الفيلم الذي يحصد أعلى نسبة مبيع هو الذي يجب أن يكون نموذجا يحتذى. أشعر أننا يجب أن "ننظف" كل شيء ونعيد الترتيب على أسس جديدة.

ما هي هذه الأسس؟
يمكن أن يؤدي العمل مع الآخرين الى توسيع الدائرة. والابداع يحتاج الى تكاتف أكثر من شخص، السينما هي فن جماعي الى حد ما. ليس عيباً الا يكون المخرج هو كاتب السيناريو، لنكن متواضعين وحقيقيين ليس كل يوم يولّد في العصر مبدعين مثل تولستوي أو غيره.. ولكن اذا لم يكن هناك محاولات كأساس، اذا لا يخلق المسرح كشكل تعبيري، لا تخلق قاعدة أو أساس يجلب لنا مبدعين، فنحن لا نستطيع أن نبدأ من الصحراء. فكرتي هي في ايجاد أرضية أساسية، وتخصيص المواهب.

الكل ينتقد الواقع، ولكن أين يكمن الخلل الذي أنتج هذا الواقع؟
الخلل في كل الاماكن، والوضع على جميع الاصعدة يدعو الى القلق. نحن لا نعيش في كنف أنظمة ديمقراطية أو أنظمة قادرة أن تنتج وتكتفي ذاتياً أو في مجتمعات تنهض وتتطور. والثقافة في مشكلة، علماً أنه يفترض بها أن تلعب دوراً ويتوقع منها أن تولّد ثقافة هامش تحتوي نواة ممكن أن تكبر لاحقاً وتحقق نجاحاً. ولكن للأسف لم يعد عندنا نقذ ذاتي، لا نطرح أسئلة على أنفسنا وكل يوم نعيد طرحها. نعم نحن نعاني من مشاكل كثيرة ولكننا نعطي أهمية لاشياء غير جوهرية، كل الوقت نتهم الآخرين انهم يكرهونا، ونتباهى أننا أصحاب ماضي مجيد ولسنا بحاجة للتغيير، وهذا انتحار. اين المعايير؟ لم يعد هناك مرجعية للمعايير، انتاجنا ليس في مستوى الوسط حتى، بل ما دون دون الوسط، ونحن لا نقبل أن نعترف أننا تأخرنا كثيراً وأصبحنا خارج الزمن.. لا أدري ما هو مصدر هذا الاهمال والاستهتار، وحتى لا أفهم دور الممولين وعلى أي أساس يمولون.

من المسؤول عن ذلك؟ وكيف يكون التغيير؟
نتحدث عن حالة معممة ليس هناك جهة واحدة مسؤولة، بل المسؤولية متداخلة. فلنأخذ مثلاً عصر النهضة حيث كان العرب تحت الاستعمار ويعانون الكثير من المشاكل، ولكن على المستوى الثقافي نترّحم اليوم على تلك الايام. يومها سأل العربي من أنا، وكان يقارن مع الغرب، لم يقارن بنظرة دونية لنفسه ولم يكن ذلك نقطة ضعف، بل حافزاً لدفعه الى الامام لمواكبة التطور. تنبه العرب الى أن دورة الزمن جارية فأسرعوا ليلحقوها، وذلك طال كل المستويات.
التغيير لا يأتي بين ليلة وضحاها، ولكن علينا أن نتحرك. لذلك بكل تواضع، عندما أتحدث عن تجربة المحترف أنطلق من قناعات من هذا النوع. هذه مسؤوليتي كانسانة عندي قدرة، ولو بحدودها الدنيا، على نقل تجربتي، على أمل تعميم هذا النوع من المبادرات.


كادر: تمديد مهلة استقبال طلبات المشاركة في المحترف
يعلن "محترف كيف تكتب رواية" الذي أسّسته وتديره الروائية نجوى بركات، عن بدء استقباله طلبات الانتساب للدورة الثانية، من مختلف الدول العربية. وبناء على نجاح الدورة الماضية التي تمخّض عنها إنجاز ثلاث روايات أولى لكتّاب شباب، صدرت أولاها عن دار الساقي بعنوان "صابون" لرشا الأطرش، على أن تصدر روايتا رنا نجار وهلال شومان عن المحترف بالشراكة مع دار الآداب في بيروت، في خريف 2010، ارتأت بركات توسيع آفاقه ليشمل حقلين جديدين هما، إضافة إلى الرواية: ورشة الكتابة المسرحية، وورشة الكتابة السينمائية. ويمكن للراغبين بخوض هذه التجربة إرسال موجز عن مشروعهم في صفحة إلى 5 صفحات (A4)على العنوان التالي: mohtarafat@hotmail.com، وإرفاق الفكرة بنصوص مكتوبة سابقاً إذا ما توفّرت.
ونظراً لكثرة الرسائل التي وصلته ونزولاً عند رغبة العديد من الكاتبات والكتّاب الشباب الذين اتصلوا به من مختلف البلدان العربية واشتكوا من معرفتهم المتأخّرة بانطلاقة الدورة الثانية، قرّر محترف كيف تكتب رواية – للأدب والمسرح والسينما تمديد فترة استقباله الطلبات شهراً إضافياً، أي لغاية 31 أكتوبر/تشرين الأول 2010. على أن يتم الإعلان خلال شهر نوفمبر/تشرين الثاني، عن أسماء المتقدّمين الذين تمّ اختيارهم للمشاركة في واحدة من الورش الثلاث، ونشرها على الموقع الخاص بالمحترف وفي المراسلات الالكترونية، بحيث يتهيّأ أصحابها لانطلاقة ورش الدورة الثانية في شهر يناير/كانون الثاني 2011.

Tuesday, May 11, 2010

بين صناعة الحدث وإحترام الحرمات.. عيون صحافية تقيم جريمة كترمايا اعلامياً


بين صناعة الحدث وإحترام الحرماتعيون صحافية تقيّم جريمة كترمايا إعلامياً


 الأربعاء 12 مايو2010
نسرين عجب

أجمع عدد من الصحافيين على أن للجسد والموت حرمة أخلاقية، وعلى وسائل الإعلام إحترامها وذلك في استفتاء أجرته إيلاف للوقوف على نظرة الإعلاميين من بث سائر وسائل الإعلام لمشاهد جريمة كترمايا و رأيهم في وقعها على المشاهد.
عادة نتابع العنف في الأفلام، وبعد الساعة العاشرة ليلاً حيث يفترض أن يكون الأطفال نيام. ولكن هذه القاعدة انقلبت منذ بضعة أسابيع على محطات التلفزة اللبنانية حيث كان المشاهدون على موعد مع بث جريمة فظيعة في مطلع أخبار الثامنة.
البعض حذّر من هول المشاهد التي ستعرض والبعض الآخر موّه تلك المشاهد. ولكنهم عرضوها، من دون أن يحسبوا ما قد يترتب على ذلك. بغض النظر عن الجريمة وما تعكسه من واقع مجتمع ما، ومن دون الدخول في دهاليز حق الأهالي في ارتكابها أو خطئهم، هل من المنطق تنفيذها أمام أعين أطفال كترمايا ومن ثم عرضها أمام ملايين الأطفال غيرهم؟ وهل كان الاعلام صائباً في قرار عرضه لتلك المشاهد التي روعت الكبار، فكيف بالصغار؟
ايلاف استفتت مجموعة من الصحافيين الشباب حول ما حصل، ومعظهم أجمع على أن للجسد والموت حرمة أخلاقية، وكان على وسائل الاعلام احترامها. وتروي نبيلة (صحافية لبنانية تابعت الموضوع) ما قاله لها طفل في السادسة من عمره انه لن ينسى ما رآه طوال حياته، مشيرة الى قوة التأثير السلبي لهذه المشاهد العنفية على الأطفال. أما عن الجريمة بحد ذاتها، تقول باستهجان: "كنا أمام رائحة العنف والاجرام في الكلمات التي يشرح بها الأهالي ما حدث. هم يبررونها لأنهم رأوا ماذا حدث مع الاطفال ولكن هذا شيء غير مبرر". وتعتبر نبيلة أن عرض جريمة قتل المصري على الشاشات غطى على الجريمة التي اقترفها بحق أبناء البلدة، وتسأل بغضب: "هل كان يجب أن تعرض كل هذه الفظاعة حتى يتحرك المجتمع، أم كان يفترض بالمجتمع أن يتحرك بمجرد حصول الجريمة الاولى؟"


وترى منى، وهي أيضاً صحافية لبنانية، أن الشعب اللبناني أصبح مشبعاً بالمشاهد الدموية، "لدرجة أننا استرخصنا دمنا". وتشير الى أن على الاعلام مسؤولية كبيرة وكان يجب الا يضع هذه المشاهد، "فالشعب لا ينقصه غضب، لا ينقصنا دم أو مشاهد عنفية، علينا أن نقرر بعقلنا ماذا يجب أن نفعل وليس بانفعالاتنا". وتعتبر أن ما حصل هو اعادة تمثيل للجريمة واستغلالها اعلامياً "وكأننا كإعلاميين شركاء فيها". وتتابع بانفعال واضح: "هناك اطفال وحساسية مشاهد، وحرمة للشخص الذي قتل. تخيلي ان لم يتسرب هذا المشهد العنفي على التلفزيون الى الناس، فكان سيساوى بين الجريمتين ولكن استغلال الاعلام لشريط الفيديو الذي صوره أحد الأهالي، ذهب بوقع الجريمة الأولى".
بث الاعلام لجريمة كترمايا أدى الى تأجيج مشاعر الغضب والنقمة، خصوصاً في الشارع المصري. وفي هذا الصدد، يعبّر هشام، صحافي مصري، عن اعتقاده أن وسائل الاعلام وقعت في خطأ اعلامي وهو انحياز السرعة "فلم يجازف الكثيرون بالانتظار للتأكد من جميع اطراف الحقيقة أو مراعاة ما يجوز عرضه ونشره وما لايجوز خوفاً من ضياع السبق الصحفي، والدليل على ذلك ان احدا لم ينشر صور ضحايا الجريمة الاولى الجدين والحفيدتين، رغم ان هذه المشاهد اكثر دموية. ويعتبر هشام أنه لو تم بث الجريمة الاولى بنفس الطريقة لما تعاطف الرأي العام مع الشاب المصري الذي ثبتت إدانته لاحقاً.
من جهته يرى أكرم، وهو صحافي مصري ايضاً، أن ما حدث في كترمايا هو مؤشر عن تراجع دولة القانون، حيث يترك للأفراد تطبيق القانون بمعرفتهم ومن ثم العودة إلى شريعة الغاب. أما عن عرض الفيلم، فيقول انه كان يتمنى لو لم يتم عرضه لأنه يشكل وثيقة أليمة يمكن استرجاعها ليس فقط في الذاكرة وإنما أيضاً صوتاً وصورة، الأمر الذي سيترتب عليه إعادة تأجيج المشاعر عند رؤيته مرة أخرى. وكان يفضل لو استعيض عن ذلك بوصف الجريمة من دون صور أو فيديو، وبتسليم الفيلم الى الجهات المعنية بالتحقيق كي يساعدها في تحقيقاتها. الا أنه يعلّق: "مع أني أسلّم بأنه على المستوى الواقعي هناك صعوبة في عدم نشر الفيلم وتسليمه فقط لجهات التحقيق، اذ سيتم تسريبه وبالتالي نشره من باب السبق الصحفي".

بعيداً عن الطرفين المعنيين بالموضوع، أي اللبنانيين والمصريين، كيف يقرأ صحافيون عرب آخرون ما حصل. محمد، صحافي يمني، يقيّم التغطية الإعلامية بالهامة جداً من مبدأ معرفة ما جرى وليس من جانب الأحكام التي أطلقتها وسائل الإعلام، فبالنسبة اليه، المشاهد والقارىء لهما الحق في الحكم على ما حدث أو يحدث، ولكن جريمة كترمايا باتت ملتبسة من حيث الإسم، هل هي الجريمة الأولى أم الثانية؟ ويعتبر أن بشاعة الجريمة الأولى التي قام بها الشاب المصري توزاي الكثير من الجرائم التي تحصل في أحياء وبلدان العالم، الا أن الجريمة الثانية، أن يقوم اهالي قرية كاملة بالتنكيل بشخص يفترض أن يحاكم وينال عقابه عبر المؤسسات المختصة، فهي أكثر بشاعة.
ويعتبر محمد أن الإعلام العربي عموماً، بما في ذلك الإعلام اللبناني، لا يزال غير قادر على الفصل بين العمل المهني الخالص والتحيز العاطفي والقطري والديني، "وان كانت هذه سجية إعلام اليوم عموماً إلا أن الإعلام العربي يتمادي كثيرا".
يذهب هشام، صحافي عراقي، أبعد من هذا التوصيف للاعلام العربي، ويقول بحنق: "عرض مقتل الشاب المصري على الفضائيات يجب أن يؤجج المشاعر ضد ثقافتنا الفاسدة المتجذرة في تاريخ الأمة. هذا الواقع يتكرر مراراً، ولكننا لا نرى منه سوى الذي يعرض عبر الإعلام. ويشبّه طريقة مقتل الشاب المصري بطريقة مقتل الفتاة العاشقة دعاء، "وهم متشابهون مع آلاف الضحايا في التاريخ. وهذا كله لا يعني أن المصري لم يكن مخطئاً بل كان وحشاً يستحق أقصى أنواع العقوبات التي يعرفها الإنسان، ولكن قانونياً. وليس أن يتم علاج الخطأ بأقبح منه".


خلافاً للكل، يؤكد حسن، صحافي لبناني، أن الاعلام أحسن في عرض تفاصيل الجريمة، انطلاقاً من مبدأ أن دور الاعلام اعلام الناس بما يحصل. ويشدّد: "أنا ضد أن يخفي الاعلام أحداث بحجة السلم الاهلي وعدم تأجيج الطائفية"، بناء على أنه يجب معالجة هذه المسائل في أساس وجذور مشكلتها. وعن جريمة كترمايا يقول ان الاهالي كان يجب أن يمنعوا الجريمة من الحدوث قبل أن تصل الى الاعلام ولكن متى ما حصلت "يجب أن تبث ويعلن عنها".
في الخلاصة، أول المبادىء الاعلامية التي يتعلمها الصحافي في كلية الاعلام والتوثيق في الجامعة اللبنانية، أنه ليس كل ما يعرف يقال، فالاعلام دوره اعلام الناس بما يحصل من دون أن يكون فتيل فتنة. لكن للأسف جريمة كترمايا ليست القضية الأولى التي يشبعها الاعلام استغلالاً، فالاعلام كان على مدى السنوات القليلة الماضية بوقاً للفتنة والتفرقة بين اللبنانيين. مما يطرح تساؤلاً الى أي مدى يقوم الاعلام اللبناني بالدور الحقيقي المنوط به؟ اشكالية تحتاج وقفة نقد ذاتي من قبل القيمين على الوسائل الاعلامية.



http://www.elaph.com/Web/news/2010/5/560254.htm

جفرا".. بساطة تجذب بقوة



"جفرا".. بساطة تجذب بقوة
الأربعاء 14 نيسان 2010
نسرين عجب
"الغروب عايزين يروحوا جفرا"، يقول هشام من مصر. ويعلّق: "ذي منطقة هايلة فيها قهوة ومطرب بيعزف على العود.. وكتب قديمة جداً لا تجدونها في اي مكان آخر... كمان أكلها حلو جداً أنا عايز آكل هناك، بلاش العشاء في الفندق.. يلا بينا". "الفريق" فضّل أن يأخذ عشاءه في الفندق وينطلق، مفاوضات ومفاوضات، لننتظر فلان وفلانة ومن ثم هناك فلان سيأتي معنا ايضاً.. الى أن اكتمل النصاب. ومشى الفريق باتجاه جفرا. سيارة أجرة وثانية وثالثة، الثلاثة باتجاه جفرا.. على الطريق عين تراقب: تشبه بيروت أو لا تشبهها؟ تشبهها... لا لا تشبهها.. انها عمان ولها هويتها الخاصة. هذا شارع الراينبو يشرح سائق التاكسي، هذا الشارع كان قديماً فقط ليتمشى عليه الناس ولكن كان هناك اعتراض على ذلك فتقرر أن يتحول الى طريق سيارة. ولكن في هذا الشارع ما يعطيه طابع الحياة بلا سيارات، فهو مرصوف بطريقة تشبه شوارع وسط بيروت حيث لا يسمح للسيارات أن تمر. اذن هو أجمل في طابعه القديم ويليق به أكثر. "وصلنا"، تعلن آلاء، شابة اردنية، هذه جفرا.. اين بقية الفريق؟ ربما سبقونا الى القهوة.. هذا دكان الـ DVD الذي قال عنه هشام"، تشرح آلاء، دكان يبيع أفلام الفيديو بأسعار زهيدة، كل DVD بـ دينار.. يا بلاش كما هو الحال في صبرا في لبنان.. نعم انها قرصنة ولكنها رائجة وبكثافة. الى اليمين من دكان الـ DVD ممر صغير بدت عليه ملامح القدم. "هذا حمام عربي"، تشير آلاء الى باب على اليمين قبل أن تصعد درج قديم جداً يبدو عليه الاهمال.. وصلنا.. تسأل شاباً يعمل في القهوة: نريد طاولة لـ 12 شخصاً. "هم لبنانيون واردنيون ومصريون"، تشرح أميرة. "أنت مصرية"، يرحّب الشاب بلهجته المصرية وهو يرشد المجموعة الى الطاولة التي جلس عليها من سبقوهم. المكان هو عبارة عن قهوة متواضعة ولكن فيها الكثير من الاشياء الثمينة بقيمتها المعنوية، في مقابل المدخل حائط عليه صور بالأبيض والأسود أبرزها للشاعر الراحل محمود درويش. الثريات قديمة جداً، أما الطاولة التي تقدم عليها الطلبيات فهي عبارة عن أغصان أشجار تسلق فوقها لوح من الزجاج.. روائح دخان النراجيل تعبق في المكان يتناغم معها صوت مطرب يرندح أغاني في غالبيتها العظمى لبنانية. القهوة ممتلئة بوجوه تبتسم لبعضها البعض، رجال وشبان وفتيات، معظمهم ينظر بعين الاستغراب والاستفسار عمن يمكن أن يكونوا هؤلاء الذين يبدو أنهم غريبون عن المكان ولكن منسجمين فيه. كاميرات وفلاشات تضيء وتنطفىء، الكل يريد أن يأخذ تذكار معه من هذا المكان وهل أجمل من الصورة تذكار؟ تنادي آلاء على أعضاء المجموعة، تقودهم الى غرفة تراكمت فيها الكتب فوق بعضها البعض، كتب بان عليها القدم من لونها الاصفر، وعلى مدخل هذه الغرفة مجموعة من المقتنيات القديمة التي تعطي المكان زمناً في التاريخ. البعض قصد المكان بهدف الأكل والبعض الآخر قرر أن يختار شيئاً آخر وفي الغالب الشاي، ففي هذه القهوة ما يجذب رائدها الى طلب الشاي، فمن جهة الشاي دافىء في جو تشريني ومن جهة أخرى "القهوة" تعني شرب الشاي.. كيف؟ يصعب التفسير ولكن هناك شيء في اللاوعي يربطهما ببعض. اللبنانيون انسجموا كثيراً في الجو، فالأغاني أغانيهم.. المجموعة مندمجة ورواد القهوة يتفرجون على فريق قرر مسبقاً أن يستغل اللحظات الجميلة ليفرح ويضحك. نعم كانوا يغنون مع المطرب ويصفقون انسجاماً ولكن معظمهم كانوا يتحدثون، السياسة اللبنانية بأبطالها وشهدائها واللاعبين فيها حضروا في الجلسة الغنائية، حضروا في تحليل للواقع اللبناني. استمر الوضع على هذا الحال حتى 11:30 حيث قررت مجموعة أن تتعرف على الشارع والمشي فيه. أول محطة كانت عند بائع للكتب. رجل هرم أخذ يخبر المجموعة عن الكتب والمخطوطات التي يملكها الا انه يؤكد أنه لا يفرط فيها: "انها للأردن وسوف تبقى للأردن"، يقول بحزم لأحد أفراد المجموعة الذي سأل اذا كان بإمكانه الحصول عليها. بعد أحاديث ونكت وخبريات من هنا وهناك على باب "كشك" الكتب استأنفت المجموعة السير.. مسافة طويلة، يبدو أن عدد السيارات قليل، ربما هذه زواريب في الأردن، ولكن "لن نضيع" الكل يؤكد ذلك ويتابع السير. استمرت الأحاديث التي بدأت في القهوة ولكن هذه المرة من دون دندنات المطرب.. هدوء نسبي ورياضة المشي وأحاديث ليلية في أزقة الأردن. انتهت الكسدورة، حان وقت العودة الى الفندق.. "فندق اللاندمارك" الشيء الوحيد الذي يعرفه أعضاء المجموعة والغريب أن سائقي التاكسي لا يعرفونه، ولكن في النهاية سؤال من هنا وجواب من هناك وصل الفريق الى الفندق. انه اليوم الأول من أيام مؤتمر الصحافيين الاستقصائيين في العالم العربي الذي نظمته أريج في عمان بين 20 و22 تشرين الثاني 2009، ولكن فيه الكثير من الاشياء الجميلة التي تحفر في الذاكرة، خصوصاً تلك القهوة التي تحاكي القلب ببساطتها.. وشوشات بينهما جعلت من أمسية الصحافيين أمسية رائعة لا تنتسى.




Saturday, January 2, 2010

ستقام ليلة رأس السنة على متن اليخت “Blue Dawn”
للمرة الأولى... بيروت تودّع السنة بسهرة مائية
نسرين عجبGMT 4:00:00 2009 الأربعاء 30 ديسمبر

________________________________________
تدق الساعة الثانية عشرة من منتصف ليل 31 كانون الأول، وتنطوي سنة بانتكاساتها وأحزانها وتبدأ رزنامة الحياة سنة جديدة بأحلام وطموحات... هكذا يستقبل معظم اللبنانيين ليلة رأس السنة، فيميزونها عن باقي الأيام ويحضرون لقضائها بشكل مميز. ولهذه الليلة نكهة خاصة عند الشباب اللبنانيين الذين تتمحور أحايثهم في الايام القليلة التي تسبقها حول مشاريع تمضيتها.
السهر هو العنوان الابرز لهذه الليلة، والخيارات متعددة في ظل كم هائل من السهرات الفنية التي تقام في كل لبنان، وخصوصًا في بيروت التي تضيق بروادها ليلة رأس السنة.
الا ان بعضهم ملوا من سهرات المطاعم والملاهي الليلية، وقرروا تمضية الليلة هذه السنة بشكل مختلف. وفي هذا الصدد تقول نبيلة: "هذه السنة سوف نسهر في منزل قديم في الجنوب حيث ستكون هناك مجموعات من الصبايا والشباب الذين لا يعرفون بعضهم بالضرورة ".
أما سارة فتشير الى أنها لا تريد أن تمضي السهرة هذه السنة في مكان واحد بل ستجول على منازل اصدقائها ومعارفها وتمضي بعض الوقت في كل منزل.
في المنزل، في المطعم، في الملهي الليلي... في الجبل، في بيروت... كلها سهرات على البر، ولكن هذه السنة بيروت على موعد مع سهرة مائية.
“Yacht Party” دعوة يتلقاها أصدقاء سامي حمد عبر الفايسبوك. للوهلة الأولى يظن المتلقي أنها حفلة خاصة ستقام في أحد البلدان الاجنبية أو حملة كسب تأييد كباقي الحملات التي تطلق عبر الفايسبوك.. ولكن الحقيقة غير ذلك.
الـ “Yacht Party” هي حفلة ستقام ليلة رأس السنة على متن اليخت “Blue Dawn” في المارينا ضبية، شرقي بيروت.
ويقول سامي، وهو أحد المنظمين للحفل، انهم ارادوا أن يخلقوا شيئًا جديدًا لسنة 2010، فقرروا ان تكون الحفلة مميزة على كل الصعد، ان من ناحية المكان او الترتيبات اللوجستية.
ويشير الى أن الاستقبال لن يكون عاديًا، اذ عند بوابة المارينا ستقوم مجموعة من سيارات الليموزين بنقل الحضور الى الرصيف المائي حيث اليخت، ليفاجأوا عند المدخل وهم يسيرون على السجادة الحمراء بأضواء وومضات عدسات التصوير (Paparazzi) التي ستقوم بالتقاط الصور واضفاء الطابع الهوليوودي على الحدث وسط التصفيق وتهافت المعجبين (Fans).
أما العشاء المقدّم فسيتنوع بين ثمار البحر والدجاج والخضار والاطباق المميزة بتوقيع مختلف النكهات والمطابخ العالمية، اضافة الى المشروب المفتوح على انواعه والعدة التقليدية للاحتفال بالعد التنازلي للسنة الجديدة من "الكوتيون" الى الالعاب النارية. أما سعر البطاقة فهو ما بين 150 و200 دولار اميركي.
ويفيد سامي أن شركة “Stratomic” التي قدّمت الفكرة ستنفّذها بالتعاون مع النادي الليلي “C – Level” على ان يتكرر الحدث وتصبح حفلات اليخوت جزءاً لا يتجزأ من عناوين السهر في لبنان.
الهدف من هذا الاحتفال بحسب سامي هو الرغبة في ان يحتل لبنان المرتبة الأولى في حفلات البحر واليخوت"، لافتًا الى أنهم يطمحون أن يغطى الحدث عالميًا وأن يحتل لبنان المرتبة الأولى في سياحة الحفلات واليخوت.
الفكرة جديدة وغير تقليدية، لذا يتحمس لها الكثيرون ومن بينهم أيمن الذي يصفها بالاستثنائية، معبراً عن اعجابه بفكرة الليموزين والباباراتزي.
من جهته، يقول فراس إنها فكرة جديدة رائعة، حيث سيتشارك الاصدقاء بذكريات جميلة على متن اليخت، من دون أن يحتاجو الى كاميرات لأن المصورين سيصوروهم مجاناً.
بالنسبة اليه، يعتبر محمد فكرة تمضية سهرة على متن يخت مميزة، لأنها حفلة تجمع بين الفخامة والأناقة والطابع اللبناني، حيث سيعيش الحضور المؤثرات الهوليودية وفي نفس الوقت أجواء السهر في بيروت. ويقول: "علمنا من المنظمين أن السهرة ستكون جماعية وليس مجموعات منفردة، وذلك يخلق جواً جميلاً".
ويعلّق غسان: "ببساطة الحفلة التقليدية أصبحت فكرة قديمة، لذلك كان من الضروري خلق فكرة جديدة، وفكرة البحر جنونية، فنحن لا نستخدمه الا للسباحة فلما لا نكون ضيوفه في حفلة كبيرة ليلة رأس السنة؟
2010 تطرق باب العالم، وهي سنة يتطلع اليها اللبنانيون بأمل بعد أن لظمت الـ 2009 الكثير من الجراح بينهم.. سنة استثنائية يرغبون أن يستقبلوها بشكل استثنائي


http://www.elaph.com/Web/Youth/2009/12/518520.htm