Monday, June 20, 2011

قصة حياتها باكورة أعمالها الإخراجية بصوتها وصورتها



Print Article
تغريد العزة: المتسلط عليّ وظالمي في مجتمعي... رجل!
نسرين عجبGMT 5:00:00 2011 الإثنين 20 يونيو
تغريد العزّة
"رجاني أن أعود وأنظر إلى الماضي، لكنني مضيت إلى الحاضر، فأنا لا اعرف الالتفات أبدًا"... كلمات كتبتها تغريد العزّة تعبيراً عن تجربة قاسية عاشتها مع رجل تسلّط عليها وظلمها. قرّرت العزة ألا تسكت بعد الآن. أرادت أن تبوح بما عانته، فكان فيلمها نصيحة باكورة أعمالها.


"كنت أكره المشي على أرصفة الشوارع لأنها مقيدة بالحديد هنا وهناك... وتراني أحمل عدستي وأمشي في وسط زحام السيارات لأنطلق حرة، هناك أترقب الحقيقة، وأحمل قصص الناس هناك... لتصل محطتي ويضيق الخناق أكثر... أصل إلى ذاك الجدار - جدار الفصل العنصري - لأحكي فقط وأحمل قضايا ما قبل الجدار".
أي شوارع وأي عدسة وأي جدار وأي قضية؟ أسئلة تتوارد الى الذهن عند قراءة هذه القطعة الأدبية. ولكن أن تقرأها كـ status على فايسبوك عند تغريد العزة، المخرجة الفلسطينية الشابة التي يصح وصفها بالمرأة الحديدية، عندها تتضح الصورة، فالعبارات ما هي إلا استكمال لقصّة حياة بدأت تغريد تتحدث عنها منذ قرارها في أن تبوح بما عانته، وأن تضع النقاط على حروف حياتها في فيلمها "نصيحة".
تغريد التي كتبت أيضاً: "ضيق الخناق أكثر لأرى نفسي وراء جدار من خشب... مكبلة الأيدي. وفي ساعات الليل الباردة كنت أغط بنوم عميق... لولا ذاك الحلم البعيد أيقظني، وأراد أن يعيد كل ما مضى... وهل الدقائق الماضية تعود بحلتها؟ أبكاني معه... رجاني أن أعود وأنظر الى الماضي، لكنني مضيت الى الحاضر، فأنا لا اعرف الالتفات أبدًا"...تقول لطليقها: "فهل أبكاك فراقي ام أبكاك الحنين الى الماضي؟ وماذا بعد لطالما انساكم ولطالما ما تتذكروني".
أثناء قيامها بمنتجة فيلمها ويرادف الصورة صوت أخيها يقول "العمل حرام"
انتهى الفيلم بهذه الصورة مع صوت الشيخ يردد "الرجال قوامون على النساء"
جرأة تلك الفتاة الفلسطينية تعدت حدود فايسبوك لتقول قصة حياتها في فيلم قصير عبر حدود حيفا ورام الله الى بيروت ودمشق وأبوظبي فإلى جامعة أوكسفورد ومهرجان الأفلام في فرنسا، حيث وصف بالجريء جداً، وبأنه تخطى التوقعات بأن تصل السينما الى هذه الدرجة في طرح الموضوعات.
الفيلم عبارة عن تلفزيون واقع تناولت فيه تغريد قصة زواجها في سن الـ 19 وطلاقها مع ولدين وما استتبع ذلك من تبعات قانونية وأسرية ومجتمعية، فقط لأنها امرأة، القانون والمجتمع ضدها ولا شيء يحميها.
شكّل الفيلم صدمة عند زملائها المشاركين في مؤتمر "دور المرأة في الحوار الاسلامي المسيحي" في صيدنايا في سوريا. كما أذهل أصدقاءها في ورشة عمل "صحافة السلام" في بيروت الذين عرفوها فتاة محجبة، لتأتي إليهم بعد ستة أشهر خالعة الحجاب، وفي جعبتها باكورة أعمالها الإخراجية، قصة حياتها بصوتها وصورتها. بكى منهم من بكى، وكتب منهم من كتب، وكان الانطباع الأقوى الاطراء على جرأتها والتنديد بتصرف المجتمع حيالها.
سئلت تغريد عن دوافعها في هذا الفيلم، وان كانت تقتصر فقط على توجيه رسالة. وبثقة الثائر، قالت ان الكاميرا هي العين على الواقع، لافتة الى أن اول دافع لها كان الشعور بالقهر، وأرادت أن تكون قدوة لغيرها، وتعلّم النساء كيف يصوّرن حياتهنّ اليومية بوسائل بسيطة تشجعّهن، وان كانت قد لا تعرض.
تروي تغريد في الفيلم كيف أحبت ابنة السادسة عشرة رجلاً يكبرها بسبع سنوات، وتحدّت أهلها لتتزوجه، لتصدم بعد 8 سنوات من زواجها، حيث كانت حاملاً بالشهر الرابع، بزواجه بأخرى. وتشرح معاناة الأم والزوجة، التي شعرت أنها طعنت، ولاحقاً المخرجة المطلقة في مجتمع ذكوري، كل شيء فيه يدين المرأة، ويقف الى جانب الرجل.
علّقت نسيمة السادة بأن وضع المرأة هذا هو نفسه في كل المجتمعات العربية، خصوصاً المجتمع السعودي، حيث تعاني المرأة المطلقة من القضاء والروتين القضائي أكثر من سوء الاحكام الفقهية.
وعن سؤال بترا أبي نادر عما اذا كان الفيلم مرّ على الرقابة، أجابت تغريد بالايجاب، لافتة الى أن هناك رقابة مجتمعية لم تسمح بوصول أكثر من 70% مما أرادت أن توصله.
واذ ختمت تغريد فيلمها بصوت أحد المشايخ يردّد الآية: "الرجال قوّامون على النساء"، شرحت د. رفيدة الحبش المتعمقة بالفقه الاسلامي، أن ذلك يعني أنهم قائمون على مصلحتهم وأن يخدموهم، لا كما تفسّر مجتمعياً.
ولأن الفيلم يعرض تعصب شقيق تغريد، كان هناك الكثير من الأسئلة حول كيف تعيش في مجتمعها خصوصاً أنها كانت محجبة، وخلعت الحجاب. وردت تغريد بأن اللقطة الاخيرة من الفيلم تعبّر عن الفكر السائد في المجتمع الفلسطيني، مشيرة الى أنها لم تقصد الدين فقط، بل القانون أيضاً، فالذي يمنعها من العمل رجل، والذي طلقها وسيحرمها من أولادها رجل، والمتعصّب عليها رجل. والفكرة التي أرادت أن توصلها من قفلة الفيلم أنها تسمع كل ذلك، ولا تكترث له. أما الحجاب فخلعته لأنها أصبحت مؤمنة أن الدين هو علاقة بينها وبين ربها.


Saturday, June 4, 2011

رحلة صينية من نيويورك الى فيرجينيا


Print Article

رحلة صينية من نيويورك الى فيرجينيا

نسرين عجبGMT 6:49:00 2011 السبت 4 يونيو

CHINA TOWN، هذا هو العنوان وعندما تقصده يخيل اليك أنك في الصين حقاً، تحاول أن تقرأ ما كتب على آرمات المحلات ولكن عبثاً فاللغة الصينية تتحدث، كل شيء يشعرك أنك في الصين، طراز الأبنية، الوجوه... كل شيء.

تدخل الى محطة الباص لتحجز التذاكر وهناك يراودك الشعور مجدداً، وتسأل نفسك هل أنا في الصين، فكل الوجوه هناك تحمل الملامح الآسيوية، تبذل أذناك الجهد محاولة أن تفهم شيئاً ولكن ايضاً عبثاً، وفي تلك اللحظة يطرأ على بالك ذلك المثل اللبناني "مثل العميحكي صيني" ولوهلة يخيل اليك أن قائله كان في تلك المحطة وخبر شعورك في تلك اللحظة بأنك لا تفهم شيئاً مما يدور حولك. تحاول أن تطلب منه التذاكر، بالكاد تفهم على انكليزيته وكأن هذه المحطة للصينيين فقط ومن لا يتكلم الصينية يجب أن يكون حاضراً لاحتمال أن لا يفهم الكثير.

بطاقتان الى هارسنبورغ في ولاية فيرجينيا، يرفع ورقة مطبوعة كتب عليها عدة عناوين من بينها العنوان الذي تقصده.. نعم هذا هو.. تشعر ببعض الارتياح، وتقول في سرك المهم أن نصل الى هناك.. وعندما يعطيك البطاقة يكون الريب لا يزال يراودك فالرحلة من نيويورك الى هاريسنبورغ تستغرق ست ساعات ونصف، والانطلاق الساعة السابعة مساء وبالتالي الوصول الواحدة والنصف ليلاً وطبعاً لن تستسيغ أن تصل الى العنوان الخطأ في هذه الساعة المتأخرة. وتبدأ الاحتمالات ترد الى ذهنك ماذا لو كان هناك لغطاً والشكوك تدفعك الى التمحيص في تفاصيل البطاقة.. وهنا تكتشف أن العنوان الذي كتب على البطاقة غير العنوان الذي تقصد، تعيد الكرة وتسأل البائع مرة جديدة وتتأكد من أن هذا الباص سيصل الى عنوانك... ومجدداً يؤكد لك ذلك مع أنه ليس هناك ما يطمئن... تقرر أن تكتشف بنفسك، وتبدأ بتحليل التفاصيل ومقارنتها مع تلك البطاقة المعتمدة بالعناوين.. ويلمع الرقم 271... الرقم المتطابق بين البطاقة التي قطعتها وبطاقة تفاصيل العناوين.. تصل الى هذا الاكتشاف أنت والساعة السابعة معاً.. تحضّر نفسك للانطلاق ولكن يبدو أن الباص لم يأت بعد... ولكن الرقم 271 محفوراً في ذهنك فتبتسم في سرك وتقول ليتأخر المهم أننا في المكان الصحيح... دقائق وتسمع هدير الباص وهنا تنفرج أساريرك تصعد فوراً ترتب أغراضك وتجلس على أحد المقاعد.. وتظن أنك بالصعود الى الباص تودّع CHINA TOWN بكل ما لـ CHINA من معنى.. ولكن الحق أن هذا الافتراض خاطىء جداً، فالرحلة الصينية تبدأ في الباص..

تحاول أن تغمض عينيك بعد يومين متعبين في المدينة المجنونة ولكن تكتشف أن محاولاتك عبثية وجداً، فهناك صيني يجلس على المقعد الأمامي خلف السائق الصيني ويتحدثان بالصينية... نعم تعرف أن الصين غزت الأسواق اللبنانية والأسواق الأميركية حتى ولكنك لم تأخذ في الحسبان أن القضايا الصينية ستغزو رحلتك من نيويورك الى هاريسنبورغ.. ولا تستطيع مقاومة الضحك عندما تسأل صديقتك السورية "بما يتحدثون يا ترى.. هل يتباحثون بحل قضية الشرق الأوسط"... وتقول في سرك "بعد هذا الغزو الصيني للعالم... من يدري قد يكون حل قضية الشرق الأوسط على أيديهم".

يصل الباص الى أول محطة ينزل بعض الركاب، وتلاحظ أنهم صينيون وبانتظارهم صينيون أيضاً وثاني محطة وثالث محطة.. صينيون في صينيون ترى كل الأعمار... حتى الأطفال في المحطة ينتظرون.. وتشعر هذا النوع من الألفة بين السائق والركاب يودعهم وكأن الكل يعرف الكل وأنت الغريب الوحيد في هذا الباص... وتبتسم بينك وبين نفسك لذكاء هؤلاء، حتى في أميركا خلقوا تجارة تسهّل حياتهم وتجمعهم معاً.. أما اللبنانيون، وما أصغر لبنان مقارنة بالصين، فأبناؤه لم يصلوا الى تشكيل حكومة بعد... يختلفون على أصغر التفاصيل وأسخفها، في الوقت الذي يبدع اللبنانيون خارج بلادهم، ومثلاً هذا الباص الصيني من نيويورك الى فيرجينيا اكتشف وجوده أحد اللبنانيين الذي قدم مؤخراً الى البلاد، علماً أن الأميركيين الموجودين في الموقع لا يعرفون بوجوده وفوجئوا عندما أرشدهم اللبنانيون اليه... تضحك وتبكي في داخلك... وما بين هذا وذاك يعلمك السائق أنك وصلت الى هاريسنبورغ تنتظر بعض الوقت قبل أن يصل سائق التاكسي ولكن هذه المرة أميركي... تصعد الى السيارة يبتسم لك ويسألك بالانكليزية عن المكان المقصود... عندها تشعر أنك تستعيد عافيتك الاستيعابية على التفاهم والحوار بلغة تفهمها... تضع رأسك على المقعد في اشارة الى الشعور بالأمان أنك وصلت وفي داخلك احساس أنك أتيت للتو من الصين الى أميركا.

http://www.elaph.com/Web/opinion/2011/6/659718.html