Friday, July 19, 2013

إخلعوا أقنعتكم وإن لم تصدقوا اصمتوا!


إخلعوا أقنعتكم وإن لم تصدقوا اصمتوا!
نسرين عجبGMT 2:35 2013 الجمعة 19 يوليو

كنا في زفاف صديق لنا، وكنا ننتظر أقارب العروسين لينتهوا من أخذ الصور معهما للتهنئة. لفتني أنه فيما كانت فرحتنا تغمرنا وابتسامتنا ملء ثغورنا، كانت بعض الوجوه متجهمة، إن لم تكن عابسة. وعندما أشار المصوّر الى أصحابها أنه سيأخذ الصورة، ابتسمت، وكأنها تطبّق ما يحمله عنوان فيلم الممثل المصري الراحل أحمد زكي "إضحك عشان الصورة تطلع حلوة"، مع أن الابتسامة في المفهوم العام هي على ثغر الانسان ولكنها في الحقيقة تبدو في عيونه، فالعيون تفضح أصحابها وضحكة الثغر لا يمكن أن تخفي ما تقوله العيون من مشاعر. بعض الوجوه اصطنعت، ولكن وجوه أخرى بقيت على تجهمها ولم تستطع اصطناع الفرح، فحتى لم تبتسم للمصوّر، ورغم أنها غير سعيدة بالزفاف أتت اليه من باب الواجبات الاجتماعية! هذا نموذج عن النفاق أو اذا أردنا أن نخفّف من وطأة الكلمة، المجاملات الاجتماعية، التي نعيش نحن اللبنانيون عليها، وهي لا تقتصر على الابتسامات في المناسبات الاجتماعية، بل تتعداها الى أخذ المواقف على صوت عال، كمثل بعض الذين يدّعون العلمانية ويحاولون احراج غيرهم لنعتهم بالطائفيين وما أن يُحرجهم أحدهم حتى تخرج طائفيتهم وتعصبهم، والحال مشابه عند من يدّعون الحيادية في المواقف، ما أن يُحرجوا حتى يُخرج غضبهم أسوأ ما فيهم من الكلام العنصري المتطرف!

استعادت مخيلتي هذه التصرفات بعد قراءتي ما يكتب مؤخراً على صفحات الفايسبوك والشعارات التي تطلق من باب "إننا نستنكر"، "إننا نشجب"، وإننا وإننا، فكل ما يقع حدث معيّن تكثر الـ "وإننا"، وهي تبدو في أكثر الأحيان أنها مجرد كلمات كتلك الشعارات المجاملة التي تراها كثيراً في شوارع بيروت، وغير بيروت. وهذه الاستنكارات يكتبها أناس تعرف أنهم متنافرون مع صاحب الحدث أو لنقل إنهم ليسوا على موجة واحدة معه، وكأنهم يحاولون بهذه العبارات أن يُخفوا شماتة ما في داخلهم، أو أن يبرئوا أنفسهم من تهمة ما، أو من باب تسجيل المواقف، أو ببساطة من باب المجاملات الاجتماعية، وما أكثر هذه المجاملات. وما نشهده على صعيد الطبقة العامة هو صورة تتكرر على مستوى الطبقة السياسية الحاكمة، أو اللاهثة على الحكم، وكأن الرياء الاجتماعي أصبح عرفاً، من لا ينساق معه هو خارج المعادلة الاجتماعية!

ليت الناس تخلع عنها قناع المجاملات وتظهر للملأ وجهها الحقيقي. الفرح لا يحتاج الى مصوّر كي تبتسم، فصور الأصدقاء في لحظاتهم الجميلة هي من أجمل الصور لأنها حقيقية، ابتساماتهم فيها حقيقية، والضحكة في عيونهم حقيقية... وفي كل العالم الثورة هي أصدق تعبير عن الشجب والاستنكار لأنها فعل وليست مجرد كلام، فهذه الأحرف التي تُصّف في جملة منمّقة لا تغيّر شيئاً، هي مجرد كلمات تُنسى مع الوقت، أو اذا ذكرت تذكر من باب تبييض الصورة. هذه المجاملات التي يختنق فيها المجتمع اللبناني وربما العربي، لم أجدها بين الأجانب الذين التقيتهم حتى الآن، كان يلفتني فيهم صدقهم وعفويتهم في التعاطي، لست بحاجة الى التشكيك بما يقولونه لك لأنهم يقولون رأيهم كما هو من دون منكهات اصطناعية، مما يجعلني أتساءل لما يرتدي معظم ناسنا أقنعة، لما لا يكونوا على حقيقتهم مهما كانت ويعبّروا عما يختلج في داخلهم ويفكروا به بكل صراحة وبساطة؟ لما؟ مع أن الأصل مهما كان يبقى أصدق وأفضل من المصطنع!


Wednesday, July 10, 2013

أصابع الاجرام تتحوّل في لبنان بتحوّل الغضب


Print Article
أصابع الاجرام تتحوّل في لبنان بتحوّل الغضب
نسرين عجبGMT 18:00 2013 الثلائاء 9 يوليو
سلسلة الانفجارات في لبنان انتقلت الى مربع ٨ آذار وتحديدا حزب الله، وفور وقوع الحادث ذهب بعض المحللين الى اتهام الجيش السوري الحر بالاعتداء... ما يجده اي مراقب ومتتبع للاحداث، منطقياً بعد مشاركة حزب الله ميدانياً في الحرب السورية، وتهديد الجيش السوري الحر بالرد، وكأنه اليوم ينتقم من حزب الله في معقله بعد أن هزمه الحزب في معقله.

وهذا يعيدنا بالذاكرة الى سلسلة الانفجارات التي كان يعيش لبنان على وقعها والتي كانت تستهدف شخصيات سياسية من فريق ١٤ آذار، وكان فرقاء ٨ آذار في مأمن منها. يومها كانت سوريا غير منقسمة بين مؤيد ومعارض للنظام الغاضب على فريق ١٤ آذار الذي وقف في وجهه وأخرجه من لبنان.
أما الآن فتغيرت المعادلة وأصبح في سوريا من هو غاضب على فريق ٨ آذار وتحديداً حزب الله. البعض يذهب الى توجيه أصابع الاتهام الى اسرائيل، سواء بأمس الاغتيالات في فريق ١٤ آذار أو يوم التفجيرات في فريق ٨ آذار، وجسدها لبيّس لأي تهم، فلا أحد يختلف بالرأي أن هذا العدو الغاصب يمكن أن يفعل أي شيء. ولكن لما كانت الاستهدافات الاجرامية محصورة بكارهي النظام السوري في لبنان قبل غضب الجيش المنشّق على حزب الله، والآن أصبحت المنطقة التي تعّد الأكثر تحصيناً أمنياً عرضة للاختراق، في وقت تعتبر هذه المنطقة مقصداً سكنياً للسوريين؟ نفس سيناريو أمس الاغتيالات يعود اليوم مع اختلاف الطرف، واختلاف زنة العبوة وحجم أضرارها. الهدف واحد اللبنانيون. من يسمع قصص المعتقلين اللبنانيين في السجون السورية يشعر بحجم الاجرام الذي يترّبى عليه أبناء النظام، فهو لا يرحم ولا يشفق متى حقد، والآن أصبح الجيش منشقاً واختلف اعداؤه. طبعاً هذا لا يشمل كل السوريين حتى لا يحصل لغطاً..

استهدافات لبنان المتجددة تطرح تساؤلاً للبنانيين سواء من هذه الفئة أو تلك، ماذا طال لبنان من الاصطفاف تصفيقاً ودعماً لفرقاء في سوريا؟ ماذا نالنا من حرب سوريا على أرضنا سوى زعزعة أمن اللبنانيين وحرمانهم من أبسط حقوقهم، الا وهو الأمان وعدم الخوف من الموت هنا أو هناك، على الطرقات؟ اوليس أجدى بالفرقاء السياسيين الالتفات الى لبناننا المتهالك والاهتمام بمصير شعبه بدل تجييشه وشحنه من مبدأ من ليس معنا في الموقف من سوريا فهو ضدنا وقد يكون أصبح الوصف أخطر هو عدونا! متى سيعون؟ متى وينقدوا هذا البلاد من الركام الذي حولوه اليه؟ ومتى سيعي اللبنانيون أن أمنهم يأتيهم من تكاتفهم مع بعضهم البعض وليس بالاصطفاف ضد بعضهم.. يكفي الشارع غضباً ويكفي الشباب حقداً ويكفي الأطفال رعباً!