Wednesday, November 30, 2011

الربيع العربي تحت مجهّر الشباب: هنا سأحقق أحلامي



Print Article
من تونس إلى سوريا... ثورات يافعة ومن المبكر تقييمها 
الربيع العربي تحت مجهّر الشباب: هنا سأحقق أحلامي
نسرين عجبGMT 14:00:00 2011 الأربعاء 30 نوفمبر
متظاهرون يلوحون بأعلام دول شملها الربيع العربي

 من تونس الى سوريا، تعمّ حالة من الغليان الشارع العربيّ الذي إن لم ينجح بـ"إسقاط النظام" في بعض الدول إلا أنّه تمكّن من كسر جدار الصمت. أمّا الشباب العربيّ، فتقييمه للثورات متباين بين الإيجابي والذي يرى أنّ الثورة كسرت الرتابة في الحياة السياسيّة، والمنطقي الذي يعتبر من المبكر تقييمها لأنّها لاتزال في مرحلة الطفولة... "فالأمر ليس في استبدال أشخاص وإنما في تغيير وتطوير أنظمة الحكم".



بيروت: ينظر اليك ومن ثم ينظر حوله، ترى الحرص في مقلتيه رغم تحدثه بصوت منخفض، وبعد دردشة بسيطة يثير حفيظته تنقّل البعض في الرواق فيطلب اليك الانتقال من صالون الفندق الى غرفة مغلقة ويتأكد من اغلاق الباب جيداً حتى لا يسمعه أحد. تلاحظ تفكيره المطوّل بكل كلمة قبل أن ينطق بها، خصوصاً عندما تسأله عن تفاصيل الوضع في سوريا، فيبدو واضحاً للعيان أن الخوف من النظام السوري يلاحق رائد (اسم مستعار لمحلّل سوري يعتبر نفسه محايداً) الى لبنان. ويؤكد ذلك بالقول: "المواطن السوري لايزال يشعر أنه غير قادر على التحدث عن النظام واذا فعل فالثمن كبير وممكن أن يكون حياته"، فالنظام الذي أرهب السوريين واللبنانيين لعقود لم يسقط بعد كما سقطت أنظمة أخرى كأوراق الخريف في انتفاضات شعبية قررت أن تقول للاستبداد كفى.
قالت كفى بروح ثورة بل ثورات لم تكن وليدة الصدفة بل كانت نتيجة تراكمات تخبىء نفسها كالجمر تحت الرماد الى أن جاء محمد بو عزيزي، البائع التونسي المتجول ليشعل شرارتها الأولى... فانكسر جدار الصمت وكرّت السبحة، والشرارة تحوّلت الى كوة من النار صعبة الاحكام انتشرت كالنار في الهشيم بين الدول العربية التي عافها فساد أنظمتها وتسلطها... فكان الربيع العربي.
من تونس الى سوريا، وخلال فترة لا تزيد عن سنة، عمّت حالة غليان الشارع الذي رفع بأعلى صوته "الشعب يريد اسقاط النظام"... ونجح في بعض الدول فسقط طغاة أبشع سقوط، فلم تكن ليبيا مثلاً تحلم أن تطوى صفحة العقيد معمّر القذافي لولا ثورة بهذا الحجم، والحال مشابه في باقي الدول. أما في لبنان، فالقصة كانت مختلفة، فأبناؤه اعتادوا النزول الى الشارع وان كانت الساحة قسّمتهم أكثر مما جمعتهم، فقصة لبنان مع التغيير أعمق من الاطاحة بطاغية، فالطاغية ليس شخصاً بل هو نظام طائفي متجذر فكانت مظاهرات "الشعب يريد اسقاط النظام الطائفي".
علي الطالب (كاتب وباحث سعودي) ثورات تحت المجهر
كيف يرى الشباب العربي هذه الثورات وما هو تقييمه لها؟ 
يعتبر علي الطالب (كاتب وباحث سعودي) أنه ليس مفاجئاً أن تأتي الثورات العربية كنتيجة طبيعة لإرهاصات تاريخية متراكمة، بيد أن التوقيت ربما يكون فيه شيء من المفاجأة، إضافة لتوالي الثورات وتوالي سقوط الأنظمة كأحجار لعبة الـ"دومينو"، مما يؤشر ليس إلى هشاشة الأنظمة العربية فحسب، بل الى أنها لم تكن تمتلك الثقة في قدرتها على إدارة الأزمة بصورة أفضل. وهذه الثورات ساهمت بشكل أو بآخر في كسر حالة الرتابة السياسية الطويلة الأمد وخلقت تماوجا وحالة من الحياة التفاعلية الاجتماعية بين كافة المجتمعات في مختلف البلدان.
أما عن تقييمه للثورات فيرى علي أنه من المبكر الحكم على نتائجها اذ أنها لم تأخذ دورتها الطبيعة والكاملة. ويشرح أن ما حصل لا يعني بالضرورة أن ربيع الثورات العربية حقق ما يمكن أن تحقّقه الثورات في صورتها المثالية، فقد يمتعض البعض منها، ليس كرهاً، بل لما تحدثه من اختلال للتوازن على مختلف مفاصل الحياة؛ فيكون المواطن هو المتضرر الأول والأخير، خصوصاً إذا ما دخلت الثورة في حالة من التحدي بين المحكومين والحاكم، فيعمد هذا الأخير الى العمل بكل ما أوتي من حيل لأجل إطالة فترة بقاءه في السلطة، بالتالي ينعكس ذلك سلبا على حياة الناس باستهدافهم في معيشتهم واستقرارهم، مما يخلق لديهم حالة من الانطفاء وانسداد الأفق، فيترك فيهم شيئا من التردد والحيرة؛ إما الذهاب إلى المجهول مع الثورة، وإما القناعة بالواقع مع طبيعة النظام السياسي.
يوافقه الرأي أكرم خليل (صحافي وباحث اقتصادي مصري) الذي يعتبر أنه لا يمكن تقييم الثورة لأنها حتى في مصر أو ليبيا لاتزال في مرحلة الطفولة. ويعلّق: "الموضوع ليس استبدال أشخاص وإنما تغيير وتطوير نظام حكم بطريقة جذرية بما يحقق الديموقراطية وفي نفس الوقت يضمن حقوق الانسان". ويتوقف عند تقييم ثورة كل بلد معتبراً أن الثورة فى تونس كانت ملهمة لباقى الثورات، ولكن تجربتها فى النضوج بدأت بعد اكتمال مرحلة الانتخابات. أما الثورة في مصر فكانت رائدة فى نتائجها (في البداية) كما أنها كانت مفخرة لكل العالم اذ أنها أثمرت كشف حقائق كان يتم التعتيم عليها اعلامياً، ولكنها لاتزال فى مرحلة الحضانة بسبب ما يعوّقها. ويعتبر أنه يمكن القول ان الموجة الثانية من الثورة تفجرت بعد 19 تشرين الثاني (نوفمبر) 2011، ويخشى الكثيرون تعثر الثورة أو سقوط مزيد من الضحايا والمصابين في صفوف المصريين. أما الثورة فى ليبيا، وبالرغم من رحيل القدافي، إلا أنها تجربة جديدة على الشعب الليبي وينبغي أن يستوعب الدروس من الثورات السابقة. وفي اليمن وسوريا لاتزال الثورة مستمرة.
اختلاف في بيئة الثورات
انفجرت الثورات ولكن كيف كان انعكاسها على البلد الذي اشتعلت فيها وعلى المنطقة بشكل عام؟
 يجد علي أن هناك اختلافاً في طبيعة البيئة التي خرجت منها الثورة (سياسياً واقتصادياً واجتماعياً وثقافياً)، فضلا عن موقع كل بلد من حيث الصورة الجيو استراتيجية، فكلما كان حدث الثورات على مقربة جغرافية من فلسطين كل ما زادت الأهمية. ويرى أن في بلد مثل تونس ونتيجة للتركيبة السكانية، وما يتمتع به شعبه من دينامية سياسية خالية من التعقيد، فضلا عن موقعه الجغرافي ومكانته الأقل في مضمار السياسية الاستراتيجية، كل ذلك ساهم في رفع مستوى الضبط، وسرعة التموضع والنزوع للاستقرار السهل، فتونس اليوم تجاوزت مرحلة اختلال التوازن على عكس بعض البلدان الأخرى مثل اليمن أو مصر أو سوريا. ومن وجهة نظره فالثورة في مصر ستأخذ مسافة زمنية أكثر من غيرها لكي تحقق أهدافها المنشودة، الا أنها ونظرا للثقل الاستراتيجي الذي تتمتع به لن يقتصر أثر الثورة فيها على الصعيد الداخلي بل سيتعداه الى الخارجي إن لم يكن عابرا للقارات. مازن أبو حمدان (من منظمي تحرك اسقاط النظام الطائفي في لبنان)
بالنسبة اليه، يعتبر أكرم أن الايجابي في مصر يتمثل في تنفّس الحرية وانقشاع الخوف بعد هذه الفترة الطويلة، وتعرّف كل مواطن على حقوقه. أما السلبي فيكمن في غياب القائد، ومع أن ذلك كان نقطة قوة في الثورة المصرية إلا أنه الآن يمثّل النقطة الأضعف فبعد تخلي الرئيس السابق عن الحكم ظهرت المطالب الفئوية، وبدأت بعض الجماعات الانتهازية بالبحث عن نصيبها في الوليمة (مصر) وذلك على حساب دم الضحايا والمصابين. 
 الطائفية أسقطت إسقاط النظام الطائفي
وسط الجلبة التي أحدثتها الثورات العربية في المنطقة، يبدو حراك اسقاط النظام الطائفي في لبنان هزيلاً، وأتت نتائجه لتكرّس تعسّر تحققه لاعتبارات أكبر من الشباب الذين آمنوا به. وفي هذا الصدد، يقول عاصم البعيني ان التحركات في لبنان وصلت ذروتها بعد اغتيال رئيس الوزراء اللبناني الأسبق رفيق الحريري سنة 2005، أما الآن فهناك نوع من اليأس لدى شريحة واسعة كما أن الهم المعيشي يطغى على ما عداه.
ويشرح مازن أبو حمدان الذي كان من منظّمي تحرّك اسقاط النظام الطائفي: "أنا كنت من أكبر الداعمين للدوافع التي سيّرت التحرك ولكني أعتقد أني فشلت في التخطيط استراتيجياً أو حتى في فهم الشروط السياسية والاجتماعية في لبنان. في المختصر أعتقد أنه كان عندي الكثير من الغضب والحماس والقليل من الحكمة والبصيرة والتخطيط". ويعتبر أن الغضب نجح في الدول الأخرى الى حد ما لأنه كان هناك انقساماً أفقياً بين السلطة والشعب، بين الظالم والمظلوم، وكان كل ما على المظلومين فعله التكتل وتقرير الانسحاب الجماعي من طاعة السلطة، فسقط الحكام المستبدون، ولكن هذه ليست القضية في لبنان حيث الانقسام عامودي وليس أفقي "لدينا طوائف عدة يترأس كل منها قائد وتنظر الى الطوائف الأخرى كعدو".
أمل مشرفيةويشير الى ما أظهرته دراسة حديثة أجرتها منظمة اليونسيف وتبيّن أن 11 في المئة فقط من الشباب اللبناني يعرّفون عن أنفسهم كعلمانيين أو لا طائفيين، معلّلاً عدم توسّع التحرك بأنه لم يتجاوز هؤلاء، "ففي لبنان هناك توازن هش من انعدام الثقة بين الطوائف، فأي تحركات مفاجئة بشعارات غامضة مثل "اسقاط النظام الطائفي" لا يستحسنها أولئك الذين يخافون الطوائف الأخرى"، لافتاً الى أنه كان يفترض استبداله بشعار آخر كالتغيير.
وتوافقه الرأي أمل مشرّفية التي تعتبر أن خصوصية لبنان هي الطائفية بحد ذاتها، وهي التي تحميه من قيام ثورة فعلية جامعة، وبالتالي اقتصر الأمر على تحركات تكاد تكون فردية ما لبثت أن توقفت لأنها لم تكن جدية ولم تكن جامعة ولم تكن واضحة المعالم، خصوصاً عندما بات من "داعميها" من هم رموز الطائفية في لبنان وذلك لأسباب سياسية بالطبع، وحسابات خاصة.
 أما ماهر أبو شقرا (أحد الناشطين في العمل المباشر وفي حراك اسقاط النظام في لبنان) فوجهة نظره مغايرة اذ يعتبر أن خصوصية لبنان هي في أن سلطته دكتاتورية ذكية تتناقض فيما بينها فتحوّل أنظار الشعب عن قضاياه المحقة كالقضايا المعيشية والاجتماعية باتجاه قضايا صراعات سياسية طائفية قد تبدو جذرية، لكنها في الواقع لا تخدم إلا السلطة المسيطرة في لبنان. أما عن تحرّك اسقاط النظام، فبالنسبة اليه كانت المسألة بالغة الوضوح ولم يكن أحد من الناشطين يتوهّم بأن النظام اللبناني سيسقط بين ليلة وضحاها، فالعمل التراكمي هو المطلوب، وما حراك إسقاط النظام إلا إطلاق الصرخة الأولى بوجه النظام اللبناني الذي لم يجر على لبنان إلا الحروب والويلات والفقر والتهجير وتدمير الأقليات الثقافية.ماهر ابو شقرا ويعتبر أنها كانت تجربة إيجابية من عدة نواح أبرزها أنها خلقت نقاشاً وخطاباً سياسياً بعيداً عن نقاش ثنائي السلطة في لبنان: 8 و14 آذار وبالتالي رفعت مستوى النقاش السياسي وأسست لمرحلة جديدة، كما أنها عرّفت العديد من الناشطين إلى بعضهم البعض وبالتالي عززت التواصل في خدمة قضية تستحق التضحية.
"سأبقى هنا... وهنا سأحقق أحلامي"
يراقب الشباب ويقيّمون ولكن كيف يرون غدهم وسط كل هذه التغيّرات التي عمّت الأقطار العربية؟يعتبر علي أنه بالرغم من هاجس القلق والخشية الذي يجتاح البعض، نتيجة لما يحدث من حالة اختلال للتوازن للتركيبة الاجتماعية وللدول، وما ينجم عنها من فوضى وانفلات، الأمر الذي يسبب تراجعًا ملحوظًا على مقومات الحياة الاقتصادية، بيد أنه لا سبيل إلا الى التفاؤل بحالة الحراك الشعبي التي أضافت للحياة حيوية بعد انكسار شيء من الرتابة السياسية القاتلة.
على نفس الخطى يمشي أكرم، فهو متفائل أيضاً في غد عربي مزهر، ويعتبر أن ذلك يتوقف على طول وقصر المرحلة الانتقالية، ومدى سيطرة المطالب الفئوية والجماعات التى تبحث عن نصيب أكبر فى الوليمة.
أما لبنانياً فالبعض متفائل والبعض متشائم، من جهته، يقول عاصم انه غير متفائل لا بل متشائم لأن الوطن ككيان إلى مزيد من التداعي ومزيد من الربط مع القضايا الإقليمية الساخنة. وتشاطره الرأي أمل التي ترى أن المستقبل محدود وغير واضح المعالم، وبالنسبة اليها التشائم سيد الموقف، والأسباب أكثر من أن تعد أو تحصى!
يخالفهما الرأي ماهر الذي يؤكد تفاؤله في ظل مسيرة طويلة وعمل تراكمي باتجاه خلق حالة قادرة على التغيير الجذري، معتبراً أن لا حل في لبنان إلا بنظام علماني ديمقراطي والا سيستمر الوضع الحالي... حرب كل 15 سنة. ويذهب مازن أبعد من ذلك فيقول: "سأبقى هنا، وأنا مقتنع أنني أستطيع تحقيق أهدافي هنا، لست متفائلاً ولا متشائماً، فالمتفائل هو مغفّل سعيد والمتشائم مغفّل حزين وأنا واقعي. أتفهّم لماذا الأمور على ما هي عليه وما يجب فعله للتغيير، أتفهّم حجم العقبات ولكني أرى أيضاً كبر الامكانات ولكن كل ما علينا فعله العمل بطريقة صحيحة".

إغلاق النافذة

Monday, November 7, 2011

"مش برمانة القلوب مليانة"


Print Article

"مش برمانة القلوب مليانة"

نسرين عجبGMT 6:37:00 2011 الإثنين 7 نوفمبر

"مش برمانة القلوب مليانة"... مثل شعبي لبناني يطرح نفسه واقعاً عندما تحصل مشاكل بين طرفين أو أكثر، وكثيراً ما لامسنا ونلامس هذا الواقع في لبنان، فمثلاً صوت دراجة نارية قد يؤدي الى اشتباك بالرصاص بين جيران في الحي أو المنطقة أو المدينة... وكلمة قد تشعل حرباً كلامية بين طرفين متناقضين عملياً..

وهكذا تصبح الأمور الصغيرة فتيلة لمشاكل قد لا تحمد عقباها وتكون النتيجة أبشع مما قد يكون يتصور الطرفين واذا عادا الى جذور المسألة لتوصلا انها لا تستحق ما أودت اليه، ولكن الثورة تكون نتيجة تراكمات عند الطرفين اجتمعت وتراكمت حتى أصبحت بركاناً مشتعلاً يطلق حممه المحرقة في وجه الآخر وعندها تشتعل "الحرب" مهما اقترب الواقع أو ابتعد عن مفهوم الحرب بمعناها الواسع... وعندما يهدأ البركان ربما يسأل كل منهما عن الأسباب الجوهرية لهذه الثورة... ربما يجد وربما لا يجد ولكن تكون الواقعة قد وقعت.

والرمانة والقلوب الملآنة ليست فقط بين أشخاص تجمعهم اللامودة، فقد تكون ايضاً بين صديقين أو حتى حبيبين تراكمت أموراً صغيرة بينهما وبدأت تكبر مع الوقت وتتراكم الى أن يأت سبب قد يكون تافهاً للغاية ليفجّر البركان... والبحر يتسع للكثير ولكن قطرة واحدة قد تجعله يفيض... تعصف العاصفة يقول كل منهما كل ما يقوى عليه قلبه المعشش بالغضب من الطرف الآخر الذي يعتبر أنه غض الطرف عنه كثيراً وسكت على أمور كثيرة حتى باتت الأمور لا تحتمل... فيفرّغ ما عنده، قد يكون مؤدباً ولكن الغضب لا يعرف ان يكون لطيفاً مهما انخفض صوته وانخفضت حدة نبرته، والغضب الهادىء يكون أحياناً أشد وقعاً من الغضب المتفجّر لأنه يختار الكلمات التي قد تكون أكثر تهذيباً ولكنها تجرح أكثر... وفي هذه المعركة يكون الصمت سيف ذو حدّين فمن جهة يجنّب الشخص ندامات على اشياء لا يفترض أن يقولها ولكن يسوقه الى ندامات على اشياء كان يجب أن يقولها... وبين الاثنين، وبين الغاضب والأقل غضباً لا بد أن تنتهي العاصفة مهما أخذت وقتاً ولكن في النهاية يبقى أثرها وهو ذلك الشيء الذي انكسر بين الطرفين... وكل ما كبرت القسوة كل ما اتسع الكسر وكل ما بدأت نهاية العلاقات بين الناس فالزجاج الذي يكسّر، مهما كان الكسر صغيراً، لا يمكن أن يرمّم أبداً.

كم زجاج يكسّر مع تقدمنا في الحياة والخبرات... وكم زجاج يتحوّل الى فتات يستحيل جمعه.. ومع كل كسر جديد تخّف الثقة ويقوى الحذر بين الناس فتغيب العفوية ويصبح كل شيء مقنّن ومضبوط والا... ويسألون لماذا يخسر الطفل براءته عندما يكبر رغم أنها أجمل ما فيه! يخسرها لأنها كثيابه الصغيرة التي لا تعود تتسع له عندما يكبّر.. يخسرها لأنها ببساطة حصراً به قبل أن يخوض غمار الحياة.

http://elaph.com/Web/opinion/2011/11/694295.html