Saturday, April 25, 2020

الشرف.. مقصلة النساء!


لم تعد منال موجودة لتخبرنا اذا كانت تقول الحقيقة عندما استفاضت بالحديث عن زوجها، سندها، في مجموعة افتراضية خاصة بالنساء، أو كانت بكل هذه الكلمات تحاول إخفاء واقعها المرّ.. لم تعد موجودة لتخبرنا اذا فعلت ذلك بدافع الحب والامتنان أو لترفع عنها تهمة تنهشها كل يوم وتنال من كرامتها.
لم تعد موجودة لتحتضن ابنتيها وتمسح دموعهما على فقدانهما حضن العائلة بعد أن قَتل والدهما عشرة أشخاص من بينهم أمهما وعميهما في جريمة مرّوعة.
لم تعد موجودة لتخبّر عن سبب الدموع التي كانت تنهمر خلسة من عينيها في جلسات التأمل الخاصة، والتي كان قلة من النساء العطوفات يلاحظنها.
لم تعد موجودة لتملأ حياة أمها المطلّقة التي فنت حياتها لأجل وحيدتها.
منال رحلت أو أُجبرت على الرحيل في جريمة اختزلها نائب من بلدتها بأنها جريمة شرف... نائب يدّعي التقدمية والحضارة استبق كل التحقيقات وطعنها بشرفها لأن فكره، كمعظم هذا المجتمع، عالق في غياهب الجاهلية ولا يكف عن جلد النساء حتى وهن ضحايا!!
قد يكون من حسن حظ منال أنها لم تعد موجودة لتسمع تحليلات مجتمع ذكوري لا يستطيع أن يرى الشرف إلا بالأحكام المبرمة على النساء، مجتمع راح يحاضر بالعفة فوق دمها المسفوك قبل أن يُكشف مصير المجرم الذي ببساطة قال بإنه لا يملك أي أدلة!
لم تعد موجودة لتروي لنا زاويتها من كل هذه القصة المرعبة.. ذُبحت بسكين... عُلّقت على مقصلة الشرف ولم تُعط فرصة الكلام على قوس محكمة المجتمع!
هي ضحية والقاتل ضحية أيضاً... ضحية مرض نفسي ينهشه سواء أدرك ذلك أو لم يدرك، فمن يصف سفك دماء عشرة ضحايا، اثنان منهم يجري دمه في عروقهم، بـ "شي وصار" ويخبّر بأن والديه كانا على لائحته للموت لأنه يشك من دون أية أدلة... هو بديهياً ضحية هوس.
منال رحلت غصباً، لم تُعط فرصة خيار البقاء أو الرحيل كتسعة ضحايا كل ذنبهم أنهم كانوا ينخرون قلب وعقل رجل مريض أطبق عليهم دائرة شكّه... ضحايا خضّت جريمة قتلهم بلدا منهكاً ولم يبق منهم أحد ليروي اذا كان يشعر بكل هذا الشر في قلب رجل وصفه من يعرفونه بالهادىء والمهذب... لم يبق منهم أحد ليكفكف دموع أُمهات ثُكلت بلحظة جنون ويقول لنا هل كان بالإمكان تفادي كل هذا المجزرة؟