Sunday, April 13, 2014

13نيسان.. يجب أن نتذكر لنشفى




GMT 10:01 2014 الأحد 13 أبريل
ليس سهلاً طي صفحة من الماضي، فكيف اذا كانت هذه الصفحة مليئة بالحبر الأسود! و13 نيسان تاريخ طُبع بحبر أسود جلّب الى اللبنانيين 15 سنة من الصفحات المضرّجة بالدماء. شخصياً لم أعش هذه الحرب، وربما من حسن حظي أني لم أعشها مع أني في الحقيقة أعيش صدى ارتدادتها، بدءا من صورة خالي بالأبيض والأسود مع شارة سوداء على زاويتها، والتي وعيت عليها في غرفة الجلوس في منزل جدّي، وكل ما أعرفه عنه أنه "استشهد" في الحرب الأهلية، وصولاً الى العنصرية التي أقرؤها في عيون وأسئلة غرباء ألتقيهم ويحرصون على سؤالي من أين أنا، وكل ما زاد تعصبهم كل ما اقترب السؤال عن منطقتي وديني من البداية. تزعجني أسئلتهم، أنا التي تربيت في منزل لا يعرف التمييز، وفي كنف أب حاول رفاقه قتله خلال الحرب الأهلية لأنه من الدين الآخر، ولكنه صفح وربّانا على محبة الآخر، لأنه يعي اللعبة، يعي أن اقتتال اللبنانيين الداخلي ما هو الا لعبة الآخرين على أرضنا.

على مشارف ذكرى 13 نيسان، وضعني القدر في مواجهة مع من عاشوا الحرب الأهلية من خلال وثائقي عن لبنان. أعترف أني للمرة الأولى أشعر بتلك المشاعر السلبية، خصوصاً عندما التقيت أحد المقاتلين القدامى، ورغم اعترافه بندمه عما كان عليه أوجعتني كلماته عن الآخر، تركت في داخلي انطباعاً مخيفاً على ما أحلم به من سلم أهلي في لبنان. نعم لم يُشف اللبنانيون من ندوب الحرب، 15 سنة من الاقتتال والاستنزاف الداخلي وفجأة وقف اطلاق النار بقرار سياسي وعقد اتفاق الطائف، وماذا عن الأمهات الثكالى؟ ماذا عن الجروح والندوب؟ ماذا عن صور الشباب المعلّقة مع شارات سوداء؟ لم يسأل أحد. طويت الصفحة سياسياً وعسكرياً ولم يسأل أحد عن ما خلفه ذلك الاقتتال في اللبنانيين، لم يسأل أحد، ولا يعبأ أحد، ففي السياسة لا مجال للانسانية، وفي لبنان تحديداً لا قيمة للانسان في السياسة، قيمته في صوته في الانتخابات، وفي شراسته في الشارع بعد أن يُشبع حقناً وتحريضاً طائفياً، وطبعا هنا الاعلام هو الوسيلة الأقوى!

بعيداً من هذا الاحتقان، في لبنان هناك من يعملون على حل النزاعات وتحصين السلم الأهلي، حرصت أن يكون لهم مكاناً في الوثائقي، فهولاء لهجتهم مختلفة، يحدثوك عن مخاوف الآخر، فالعدائية في كثير من الأحيان هي ذلك السلاح للدفاع عن النفس، يعتقد الانسان أنه يبني بها حصناً منيعاً لنفسه. ولكن التجارب، والتي عشتها شخصياً من خلال انخراطي في مجال حل النزاعات وبناء السلام على مدى خمس سنوات، جعلتني أتيقن أن أول خطوة تجاه معرفة الآخر هي ازالة الخوف منه ومن ثم مدّ يد الحوار وبعدها حتماً سيكون هناك قواسم مشتركة يبنى عليها، فإذا كنّا نحن اللبنانيون قادرين على التأقلم مع الأجانب، ذوي اللغات والثقافات والعادات المختلفة، هل صعب أن نتأقلم مع من نتكلم لغتهم ونتشارك معهم الثقافة نفسها؟ طبعاً لا، كل ما نحتاجه هو خطوة تجاه الآخر، التعبير عن هواجسنا والسماع الى هواجسه. أما بالنسبة الى جيل الحرب فقد يكون أحوج ما يكون الى مصارحة، أن يتذكر ليشفى حتى نتذكر نحن الجيل الشاب ونعتبر!