Saturday, August 29, 2009

اختتام برنامج التبادل الشبابي العراقي اللبناني لحل النزاعات

http://www.elaph.com/Web/Youth/2009/8/476574.htm

اختتام برنامج التبادل الشبابي العراقي اللبناني لحل النزاعات
GMT 10:00:00 2009 الجمعة 28 أغسطس
نسرين عجب

نسرين عجب من بيروت : "الوصول الى هدف معين يتطلب السير خطوة تلو الخطوة مثل خطوات الطفل". هذا ما خلص اليه المشاركون في "برنامج التبادل الشبابي العراقي- اللبناني الرابع حول المناصرة لحل النزاعات"، والذي كان موضوع ورشة عمل نظمها منتدى التنمية والثقافة والحوار لـ 27 مشتركاً، 15 لبنانياً و12 عراقياً.وبحسب المساعدة في تنفيذ المشروع سارة السباعي، يُفترض بالمشاركين ان يطبقوا ما أخذوه في ورشة العمل ويساعدوا جمعياتهم في مشاريع المناصرة. هذا بالنسبة إلى العراقيين، لأنه تم اختيارهم من جمعيات أهلية. أما بالنسبة إلى اللبنانيين، ومعظمهم ناشطون، فالمطلوب منهم نشر مهارات المناصرة في محيطهم عبر إقامة ورش عمل صغيرة، على أن يرسل الكل تقارير عن نشاطاتهم.
استمرت ورشة العمل 6 أيام، وتنوعت النشاطات ما بين العملي والنظري. في اليوم الأول، وبهدف كسر الجليد، أقام المنظمون بعض الألعاب الرياضية لبناء التواصل بين المشاركين عبر العمل الجماعي وبناء الثقة بينهم، وبهدف تنمية شخصياتهم ومساعدتهم للتغلب على مخاوفهم.
خُصص اليومان الثاني والثالث للمناصرة مع التركيز على حل النزاعات وبناء السلام، وتم تقسيم المشتركين الى فرق، وكان على كل فريق أن يختار قضية ويناصرها.
اليوم الرابع كان لزيارة مواقع مختلفة، وكان مخصصاً للعراقيين لتعريفهم إلى المعالم السياحية في لبنان، وشملت الجولة جعيتا والحمراء والروشة التي أصّروا على الذهاب اليها.
كان لاستعمالات الانترنت في المناصرة حصة في اليوم الخامس، حيث تعلم المشاركون كيفية استخدام الانترنت لنشر المعلومات وتلقي الردود عليها. وفي اليوم السادس أعطيت محاضرات في كيفية استخدام الفيديو والكاميرا في خدمة المناصرة، فضلاً عن تحرير المواد وتحميلها عبر الانترنت.
يجمع المشاركون على أن ورشة العمل فتحت المجال أمامهم للتعرف إلى الآخر اللبناني أو العراقي، وكانت فرصة للاستفادة من المعلومات ولقضاء أوقات مسلية مع بعضهم بعضًا والتي كانت تمتد الى جلسات موسيقى وشعر ليلاً.
ماذا اكتسب المتدربون من ورشة العمل؟
موضوع المناصرة جديد بالنسبة إلى ميساء بليبل (21 سنة)، لبنانية وتعمل في جمعية ALEF وتعطي ندوات عن حقوق الانسان لطلاب المدارس. وتقول إنها اكتسبت أدوات جديدة وستستعى الى ايصال الأفكار التي اكتسبتها بطرق أبسط، مستفيدة من الانترنت. وعلى الصعيد الشخصي ومن خلال مراقبة الميسرين لورشة العمل كانت تلاحظ نقاط الضعف ونقاط القوة. ومن الأشياء التي توقفت عندها تحرك الميسر أثناء اعطاء المحاضرات، معتبرة أن ذلك يشتت الأفكار.
لم تكن ميساء تعرف أحدا من المتدربين، وكانت هناك صعوبة في التواصل انطلاقاً من أن كلا منهما من خلفية، ولكن مع الوقت أصبح التواصل أفضل حتى باتت تشعر أنهم كعائلتها. وبرأي ميساء ورش العمل تزيد الثقة بالنفس، كما تمنح الشخص فرصة التواصل مع الآخرين وتقبل من هو مختلف عنهم.
كان ثامر عاصي (27 عاماً)، عراقي ويعمل في منظمة الحرة، خائفاً أول ما أتى الى لبنان من الاختلاف، ولكنه تأقلم بسرعة مع الشباب اللبناني. ويقارن أن ورشة العمل تقوم على العملي والنظري ما يضفي عليها الحيوية ويجعلها ترسخ في الذهن أكثر، على عكس ما يحصل في العراق حيث تستخدم الطرق النظرية. ويعتبر أن أهم شيء تعلمه خلال ورشة العمل هو التخطيط للوصول الى هدف معين.
ويشير الى أن السهرات التي نظموها أخرجتهم من الجدية وشدّت أواصر الصداقة بينهم. أما كيف سيطبق؟ فيقول إنه سيطوع ما أخذه في مشاريع يخططون لها في العراق ومنها مسيرة لمناصرة الأقلية المسيحية في البلاد. ومن أهم المشاريع التي سيعمل عليها: "القضاء على البطالة لبناء السلام. نحو عراق مزدهر يقضي على الفساد. نتحد لوقف الارهاب. ويداً بيد لبناء السلام".
لا يختلف الحال بالنسبة الى سارة الأسدي (23 عاماً)، عراقية وتعمل في جمعية الفردوس، وتشارك للمرة الأولى في ورشة عمل في لبنان. وتعتبر ان التجربة جيدة جداً واستفادت كثيرا. وتشير الى أن ورشة العمل تضمنت الكثير من الاختبارات التي عرّفتها الى اللبنانيين ما أظهر لها أنهم من بيئة مشابهة للبيئة العراقية. وتؤكد سارة أنها بعد انتهاء ورشة العمل، ستحاول أن تنقل المعلومات التي أخذتها عبر اقامة ورش عمل مماثلة في العراق.
بالنسبة اليه ينوّه محمد عنان (19 سنة)، لبناني ويعمل في مركز الشباب للقيادة (YLC)، بخبرة المدربين وقدرتهم على ايصال الرسالة بأفضل طريقة. ويقول انه سيحاول أن يوصل كل شيء تعلمه الى المجتمع الذي يعيش فيه، من أهله الى أصدقائه والشباب الذين يدربهم.
في ما يخصها، تقول ايناس فريد (25 سنة)، وهي عراقية وتعمل في جمعية المرأة والطفولة، أن كل شيء عن حل النزاعات أخذته في ورش عمل سابقة. وتعلّق: "نحن كل يوم نحل نزاعا جديدا في بغداد". وتعطي مثالاً عملها سنة 2003 مع اليونسيف في اول نزاع في بغداد، أثناء تهجير الفلسطينيين من العراق.
تصف ايناس ورشة العمل بالجميلة، لكنها تتذمر من أن الوقت كان طويلاً جداً. وتلفت الى أنها تفضل التمارين العملية لأنها توصل المعلومة بشكل أسرع من المحاضرات وترسخ في الذاكرة. وعن اللبنانيين تقول انها المرة الأولى التي تشارك معهم في ورشة عمل، ما سنح لها تصحيح صورة العراقيات بأنهن غير مثقفات.
من جهتها، تقول ميسم ريحان (19 سنة)، لبنانية وتعمل في جمعية "نحو المواطنية"، ان ورشة العمل، ساعدتها على كسر حاجز خوفها من المرتفعات حيث مشت على الحبال المعلقة في الهواء ضمن نشاطات اليوم الأول. وتضيف ان معلوماتها زادت كثيراً وتبدي اعجابها بالوسائل التي استخدمت في ورشة العمل والتي وصفتها بالمسلية، مشيرة الى أنها ستحتفظ بالمعلومات التي أخذتها لتطبقها في ورش عمل ستنظمها لاحقاً.
المشاركة في ورشة العمل نابعة من دافع ما. وفي هذا الصدد يقول عماد خليل (22 سنة) عراقي ويعمل في منظمة سلام الرافدين، إن الذي شجعه للمشاركة الرغبة في تبادل المعلومات مع الشباب اللبناني، مشيراً الى أنه استفاد كثيراً خصوصاً من حلقات المناصرة التي شعر في المناقشات التي تلتها بالتقارب بالرأي مع اللبنايين. ويؤكد أنه سيوصل المعلومات التي أخذها الى المجتمع المحيط به مثل الأهل والأصدقاء. وينوّه بروح الجماعة بين المتدربين، مشيراً الى أنه سيبقى على اتصال بالشباب اللبناني عبر الانترنت لتبادل المزيد والمزيد من المعلومات في المستقبل.
في المحصلة، الشباب هم قوام المجتمع، وتشكّل ورش العمل فرصة حقيقية لجمعهم من مختلف التوجهات والجنسيات، وتلعب دوراً مهماً في تبديد فكرة الآخر المختلف فضلاً عن صقل معرفتهم وتطويرها، ما ينعكس ايجاباً على المجتمع.
google_protectAndRun("ads_core.google_render_ad", google_handleError, google_render_ad);

Tuesday, August 11, 2009

بين الطائفية والعلمانية

http://www.elaph.com/Web/Youth/2009/8/470671.htm


بين الطائفية والعلمانية

كيف يعيش أبناء الزواج المختلط في لبنان؟

GMT 6:00:00 2009 الثلائاء 11 أغسطس

نسرين عجب



--------------------------------------------------------------------------------


نسرين عجب من بيروت : 18 طائفة.. يقولون انها ميزة لبنان وتعكس تنوعه، ولكن بلمحة سريعة على كل المحطات البارزة في هذا البلد الصغير نجد ان الطائفية خلقت ما يخطر وما لا يخطر في البال من المشاكل وجعلته طائفياً بامتياز.بغض النظر عن أسباب هذه الصراعات الطائفية، وبغض النظر اذا كان اللبنانيون يفقهون مخاطر ذلك عليهم على المديّين القريب والبعيد، الواقع يفرض نفسه. وفي نظرة سريعة على المجتمع، نجد أنه مقسم الى ثلاث فئات: فئة متعصبة طائفياً، لا تتقبل الآخر حتى لو ادّعت عكس ذلك، وفئة ما بين بين، خرجت من القوقعة الطائفية وانفتحت على الآخرين من دون أن تخرج من اطار طائفتها، وقد تكون هذه الفئة فهمت لعبة الأمم التي تجيد الضرب على وتر الطائفية لتصنع منها باروداً يفجّر عند الحاجة. وتبقى الفئة الثالثة التي ألغت الطائفة من قاموسها، أو ربما في حد أدنى لا تقيم اعتبارات للأمور الطائفية.

من الأمور الحساسة في الطوائف الزواج، اذ يعتبر الزواج من طوائف أخرى خط أحمر عند معظم الطوائف ان لم يكن كلها، وقد تكون الفئة الثالثة هي الابرز في تخطي هذه الخطوط واختيار الزواج المختلط.

لا أحد قادر على الحكم اذا كان هذا الزواج ناجحاً أو فاشلاً لأن المسألة نسبية جداً، فقد يفشل انسان في زواج مع شخص من نفس دينه وينجح في زواج مختلط، وقد يحصل العكس. كل ذلك مرتبط باعتبارات واعتبارات تخص الزوجين وحياتهما معاً. الا أن الزواج المختلط يكون له بصمات مختلفة في المجتمع، خصوصاً مثل المجتمع اللبناني الذي تستوطن كل طائفة من طوائفه في كونتوناتها الخاصة، وتظهر هذه البصمات أولاً على الشخص الجديد القادم من دين آخر الى بيئة تختلف عن بيئته، وثانياً على الأولاد. هذه المسألة أيضاً نسبية وتختلف باختلاف المنطقة وأبنائها.

ما هي الاشياء التي تميز أبناء الزواج المختلط عن غيرهم من الذين ولدوا لأبوين من نفس الدين؟ وبرأيهم هل اختلاف الدين بين الوالدين شيء ايجابي او سلبي؟ يجمع هؤلاء الشباب على ايجابية وضعهم، ويعتبرون انهم يتميزون بانفتاحهم على الاديان الأخرى وبالتالي يعرّفهم على مختلف المعتقدات والقيم، مما يبعدهم عن الطائفية والتعصب. وفي هذا الصدد تقول منى (26 عاماً)، وهي من أم مسيحية مارونية وأب مسلم شيعي، ان الزواج المختلط يمنع الانغلاق وحصر الأولاد ضمن طائفة معينة.

أما أماني (24 عاماً)، والتي ولدت لأم مسيحية مارونية واب مسلم سني، فتعتبر أن الزواج المختلط يعطي الأولاد حرية اختيار دينهم بعيداً عن المسلمات، ما يحثهم دوماً على التفكير المنطقي الذي يعتمد على معرفة جميع المعتقدات والثقافات واختبارها دون تحفظ لاختيار المناسب منها.

وتشرح أن لديها اطلاع أكبر على كلا الدينين ومن الصعب أن تقع في فخ النمطية لأن تجربتها جعلتها أكثر انفتاحاً وتفهماً لكل الأفكار والمعتقدات. وتؤكد روى ذلك من خلال ابداء اعجابها بشخصية صديقتها مايا (20 عاماً) التي ولدت لأب مسلم شيعي وأم مسيحية بروتوستانتية، وتقول عنها انها بعيدة كل البعد عن التعصب الطائفي او الديني وتحترم كل الأديان، وتجمع بين العادات الجيدة لكل منها. وهي الآن تحب شاباً من غير دينها وتخطط لأن تربي أولادها على الايمان بالله الواحد لكل الأديان بعيداً عن اي طائفة.

هذا في ما يخص التميّز، ولكن ماذا عن الطقوس؟ تشير أماني الى أنها تمارس أحياناً بعض الطقوس الدينية مثل الصوم والصلاة على الطريقتين المسيحية والاسلامية، على عكس سهى (28 عاماً) التي تعتبر ان لا أهمية للدين في حياة الانسان، لافتة الى أن الانسانية والمبادىء أهم. وتجدر الاشارة هنا الى أن معظم الذين استفتيناهم أشاروا الى أنهم لا يمارسون أي نوع من الطقوس الدينية.

يلعب المجتمع دوراً مهماً في حياة الأنسان، وبطبيعة الحال الاختلاف يثير حشرية الناس، فكيف ينظر المجتمع المحيط الى ابناء الزواج المختلط؟ ماذا تكون ردة فعله عندما يعرف باختلافه؟ هل تتغير معاملته لهم؟ أسئلة طرحناها على مجموعة من هؤلاء الشباب.

علياء (29 عاماً) ولدت لأم مسيحية من طائفة الروم الأورثودوكس ولأب مسلم سني، تسكن حالياً في رأس النبع، وعاشت معظم حياتها في بعبدا، تشير الى أن بعض الناس يحتارون في اي ديانة يصنفونها، وآخرين يعتقدون أن حياتها مزيج من العادات والتقاليد المختلفة. وفي هذا السياق تقول أماني ان الأكثرية يشعرون بالفضول ويريدون معرفة أكثر عن معتقداتها الشخصية، وبعضهم يتحمسون ليقنعوها بأن دينهم (المسيحي أو المسلم) هو الأصح وعليها اتباعه حصراً.

هذه النظرة تختلف باختلاف الاشخاص، فرائد (24 عاماً) يعتقد ان الزواج من غير دين هي قناعة شخصية والانسان لا يقاس بدينه بل بشخصيته وسلوكه، ولولا أن دينه يمنعه من الارتباط بفتاة من دين آخر فهو لا يمانع أبداً. وتشاطرة باميلا (28 عاماً) الرأي مع أن لها نظرة مختلفة للموضوع، وتعلّق أن تتبع المبدأ القائم على الابتعاد عن كل ما سيجلب المشاكل، ومن هذا المنطلق لا تحبذ الزواج المختلط. وتعطي مثالاً ان أختها متزوجة من شاب متعارض معها سياسياً، لذا يتحاشون فتح موضوع السياسة كي لا تحصل مشاكل بينهم، وتتساءل كيف اذا كان الدين مختلف.

كل ما سبق تناول الأشياء ولكن ماذا عن الحياة الشخصية؟ هل يؤثر الزواج المختلط عليها؟

تلفت أماني الى ان هذا الموضوع هو الأساس في بناء شخصيتها الحالية، فكل التجارب التي مرت بها هي التي صنعتها. وتشير الى أنها كانت تنزعج في طفولتها لأنها كانت دائماً تشعر بأنها غريبة عن عائلة كلاً من أمها وأبيها، وأنها لم تكن تشعر بالإنتماء، بل دائماً كانت بمثابة الضيف. أما اليوم فأصبح لديها انتماءاتها الخاصة بعيداً عن محيط العائلة. أما منى وسهى فتعتبران أن ذلك لم يؤثر عليهما مطلقاً، والحال مشابه بالنسبة لعلياء التي عاشت حياتها بشكل طبيعي وتزوجت مؤخراً من رجل من غير دينها.

في المحصلة، قرار الزواج من غير دين مسألة شخصية لا تعني الا صاحبها، وكل انسان حر في تقبل ذلك أو رفضه، ولكن قد يكون ضرورياً أن تخرج الشريحة المتعصبة دينياً عن تعصبها وتتحاور مع الآخر لأنه حتماً هناك أشياء مشتركة تجمعهم، ويكفي لبنان ما عاناه حتى اليوم نتيجة الطائفية، وهو الآن بأمس الحاجة للسلم الأهلي والتعايش المشترك بين أبنائه بعيداً عن التفرقة.

بين الطائفية والعلمانية... كيف يعيش أبناء الزواج المختلط؟


Print Article
كيف يعيش أبناء الزواج المختلط في لبنان؟
نسرين عجبGMT 6:00:00 2009 الثلائاء 11 أغسطس
نسرين عجب من بيروت :18 طائفة.. يقولون انها ميزة لبنان وتعكس تنوعه، ولكن بلمحة سريعة على كل المحطات البارزة في هذا البلد الصغير نجد ان الطائفية خلقت ما يخطر وما لا يخطر في البال من المشاكل وجعلته طائفياً بامتياز.بغض النظر عن أسباب هذه الصراعات الطائفية، وبغض النظر اذا كان اللبنانيون يفقهون مخاطر ذلك عليهم على المديين القريب والبعيد، الواقع يفرض نفسه. وفي نظرة سريعة على المجتمع، نجد أنه مقسم الى ثلاث فئات: فئة متعصبة طائفياً، لا تتقبل الآخر حتى لو ادّعت عكس ذلك، وفئة ما بين بين، خرجت من القوقعة الطائفية وانفتحت على الآخرين من دون أن تخرج من اطار طائفتها، وقد تكون هذه الفئة فهمت لعبة الأمم التي تجيد الضرب على وتر الطائفية لتصنع منها باروداً يفجّر عند الحاجة. وتبقى الفئة الثالثة التي ألغت الطائفة من قاموسها، أو ربما في حد أدنى لا تقيم اعتبارات للأمور الطائفية.
من الأمور الحساسة في الطوائف الزواج، اذ يعتبر الزواج من طوائف أخرى خطا أحمر عند معظم الطوائف ان لم يكن كلها، وقد تكون الفئة الثالثة هي الابرز في تخطي هذه الخطوط واختيار الزواج المختلط.
لا أحد قادر على الحكم اذا كان هذا الزواج ناجحاً أو فاشلاً لأن المسألة نسبية جداً، فقد يفشل انسان في زواج مع شخص من نفس دينه وينجح في زواج مختلط، وقد يحصل العكس. كل ذلك مرتبط باعتبارات واعتبارات تخص الزوجين وحياتهما معاً. الا أن الزواج المختلط يكون له بصمات مختلفة في المجتمع، خصوصاً مثل المجتمع اللبناني الذي تستوطن كل طائفة من طوائفه في كونتوناتها الخاصة، وتظهر هذه البصمات أولاً على الشخص الجديد القادم من دين آخر الى بيئة تختلف عن بيئته، وثانياً على الأولاد. هذه المسألة أيضاً نسبية وتختلف باختلاف المنطقة وأبنائها.
ما هي الاشياء التي تميز أبناء الزواج المختلط عن غيرهم من الذين ولدوا لأبوين من الدين نفسه؟ وبرأيهم هل اختلاف الدين بين الوالدين شيء ايجابي او سلبي؟ يجمع هؤلاء الشباب على ايجابية وضعهم، ويعتبرون انهم يتميزون بانفتاحهم على الاديان الأخرى وبالتالي يعرّفهم إلى مختلف المعتقدات والقيم، ما يبعدهم عن الطائفية والتعصب. وفي هذا الصدد تقول منى (26 عاماً)، وهي من أم مسيحية مارونية وأب مسلم شيعي، ان الزواج المختلط يمنع الانغلاق وحصر الأولاد ضمن طائفة معينة.
أما أماني (24 عاماً)، والتي ولدت لأم مسيحية مارونية واب مسلم سني، فتعتبر أن الزواج المختلط يعطي الأولاد حرية اختيار دينهم بعيداً عن المسلمات، ما يحثهم دوماً على التفكير المنطقي الذي يعتمد على معرفة جميع المعتقدات والثقافات واختبارها دون تحفظ لاختيار المناسب منها.
وتشرح أن لديها اطلاعا أكبر على كلا الدينين ومن الصعب أن تقع في فخ النمطية لأن تجربتها جعلتها أكثر انفتاحاً وتفهماً لكل الأفكار والمعتقدات. وتؤكد روى ذلك من خلال ابداء اعجابها بشخصية صديقتها مايا (20 عاماً) التي ولدت لأب مسلم شيعي وأم مسيحية بروتستانتية، وتقول عنها انها بعيدة كل البعد عن التعصب الطائفي او الديني وتحترم كل الأديان، وتجمع بين العادات الجيدة لكل منها. وهي الآن تحب شاباً من غير دينها وتخطط لأن تربي أولادها على الايمان بالله الواحد لكل الأديان بعيداً عن اي طائفة.
هذا في ما يخص التميّز، ولكن ماذا عن الطقوس؟ تشير أماني الى أنها تمارس أحياناً بعض الطقوس الدينية مثل الصوم والصلاة على الطريقتين المسيحية والاسلامية، على عكس سهى (28 عاماً) التي تعتبر ان لا أهمية للدين في حياة الانسان، لافتة الى أن الانسانية والمبادئ أهم. وتجدر الاشارة هنا الى أن معظم الذين استفتيناهم أشاروا الى أنهم لا يمارسون أي نوع من الطقوس الدينية.
يلعب المجتمع دوراً مهماً في حياة الأنسان، وبطبيعة الحال الاختلاف يثير حشرية الناس، فكيف ينظر المجتمع المحيط الى ابناء الزواج المختلط؟ ماذا تكون ردة فعله عندما يعرف باختلافه؟ هل تتغير معاملته لهم؟ أسئلة طرحناها على مجموعة من هؤلاء الشباب.
علياء (29 عاماً) ولدت لأم مسيحية من طائفة الروم الأورثودوكس ولأب مسلم سني، تسكن حالياً في رأس النبع، وعاشت معظم حياتها في بعبدا، تشير الى أن بعض الناس يحتارون في اي ديانة يصنفونها، وآخرين يعتقدون أن حياتها مزيج من العادات والتقاليد المختلفة. وفي هذا السياق تقول أماني ان الأكثرية يشعرون بالفضول ويريدون معرفة أكثر عن معتقداتها الشخصية، وبعضهم يتحمس ليقنعها بأن دينهم (المسيحي أو المسلم) هو الأصح وعليها اتباعه حصراً.
هذه النظرة تختلف باختلاف الاشخاص، فرائد (24 عاماً) يعتقد ان الزواج من غير دين هي قناعة شخصية والانسان لا يقاس بدينه بل بشخصيته وسلوكه، ولولا أن دينه يمنعه من الارتباط بفتاة من دين آخر فهو لا يمانع أبداً. وتشاطره باميلا (28 عاماً) الرأي مع أن لها نظرة مختلفة للموضوع، وتعلّق أن تتبع المبدأ القائم على الابتعاد عن كل ما سيجلب المشاكل، ومن هذا المنطلق لا تحبذ الزواج المختلط. وتعطي مثالاً ان أختها متزوجة من شاب متعارض معها سياسياً، لذا يتحاشون فتح موضوع السياسة كي لا تحصل مشاكل بينهم، وتتساءل كيف اذا كان الدين مختلفا.
كل ما سبق تناول الأشياء ولكن ماذا عن الحياة الشخصية؟ هل يؤثر الزواج المختلط عليها؟
تلفت أماني الى ان هذا الموضوع هو الأساس في بناء شخصيتها الحالية، فكل التجارب التي مرت بها هي التي صنعتها. وتشير الى أنها كانت تنزعج في طفولتها لأنها كانت دائماً تشعر بأنها غريبة عن عائلة كل من أمها وأبيها، وأنها لم تكن تشعر بالإنتماء، بل دائماً كانت بمثابة الضيف. أما اليوم فأصبح لديها انتماءاتها الخاصة بعيداً عن محيط العائلة. أما منى وسهى فتعتبران أن ذلك لم يؤثر فيهما مطلقاً، والحال مشابه بالنسبة إلى علياء التي عاشت حياتها بشكل طبيعي وتزوجت مؤخراً من رجل من غير دينها.
في المحصلة، قرار الزواج من غير دين مسألة شخصية لا تعني الا صاحبها، وكل انسان حر في تقبل ذلك أو رفضه، ولكن قد يكون ضرورياً أن تخرج الشريحة المتعصبة دينياً عن تعصبها وتتحاور مع الآخر لأنه حتماً هناك أشياء مشتركة تجمعهم، ويكفي لبنان ما عاناه حتى اليوم نتيجة الطائفية، وهو الآن بأمس الحاجة للسلم الأهلي والتعايش المشترك بين أبنائه بعيداً عن التفرقة.