Tuesday, October 20, 2009

الشباب واليأس... من يصرع من؟

http://www.elaph.com/Web/Youth/2009/10/494572.htm

الشباب واليأس... من يصرع من؟
GMT 4:00:00 2009 الإثنين 19 أكتوبر

-->نسرين عجب
نسرين عجب من بيروت : "سأريحكم مني ومن المشاكل التي أسببها لكم"، قالها أيمن والغضب يتطاير من عينيه قبل أن يدخل الى غرفته ويخرج منها مسدسه ويطلق النار على نفسه أمام أمه وأباه.. انتحر الابن الوحيد بعد أن يأس من الحياة، فإبن العشرين عاماً فقد بصره بسبب غلطة طبيب، وضاقت به الدنيا ذرعاً نتيجة الضغط الاجتماعي الذي ضيق عليه الخناق، فاختار أن يقضي على حياته قبل أن يتفتح برعمه. أيمن واحد من عدد كبير من الاشخاص الذين أفقدهم اليأس لذة الحياة وكانوا أضعف من المواجهة فاختاروا قرار الرحيل، وقد يكون خير مثال المطربة داليدا التي رغم شهرتها الواسعة استسلمت لليأس وانتحرت.
وفي المجتمع حالات كثيرة يسيطر عليها اليأس ويدفع بها الى الهاوية، مثل رانية (27 عاماً) التي أحبطها اليأس بعد أن تخلى عنها حبيبها وهاجر الى أميركا، وبعد أن فشلت في اصلاح علاقتهما وكردة فعل أولية بدأت تخرج كل يوم مع شاب، وتطور الامر الى أبعد من ذلك حيث انتهت في بيوت الدعارة.
اذا كان اليأس دفع برانية الى المتاجرة بنفسها، فهو يدفع غيرها الى تصرفات أخرى لا تقل خطورة، بل لربما تكون أخطر مثل المقامرة أو السرقة أو القتل أو الادمان على الكحول أو المخدرات وغيرها وغيرها من الآفات الاجتماعية التي غالباً ما تكون نهايتها مأساوية أو بحد أدنى ثمنها باهضاً على من يعاني منها وعلى البيئة المحيطة به.
اليأس، حالة قد تكون طبيعية وقد لا تكون، الا أنها حقيقة يصلها الكثيرون نتيجة مشاكل يعانونها أو صعوبات تعترضهم. الفارق هو في التعاطي مع هذه الحالة، البعض يتعاطون معها بسلبية حتى تسيطر عليهم وتدفعهم الى ما لا تحمد عقباه، والبعض الآخر يكون أقوى منها فيتحكمون بها ولا يسمحون أن تتحكم بهم، فيتخطوها انطلاقاً من مبدأ: "الشجاع من يخلق من اليأس أملاً لان الياس فيه طعم الموت ولان الشجاعة معني الحياة"، وتطبيقاً للقول: "أعظم هندسة أن نبني جسراً من الأمل فوق نهر من اليأس".
قد تكون رنا (29 عاماً) خير مثال، فهي مرت بتجربة قاسية جداً اذ تطلقت من زوجها وكانت مجبرة على البقاء في استراليا بعيدة عن أهلها كي لا تحرم من ابنتها. كل ذلك خلق في داخلها مزيج من مشاعر الوحدة واليأس والاستسلام، لدرجة أنها بعدت عن كل الناس ولفترة طويلة مما دفع الأطباء الى وصف الحبوب المهدئة لها، الا أن والدتها منعتها من ذلك بعد أن سافرت اليها وساعدتها كثيراً لتتخطى ما حصل معها، ومع الوقت بدأت تتأقلم مع الواقع وساعدها العمل على الخروج من أزمتها النفسية. ورغم مرور ثلاث سنوات على ما حصل لكن في بعض الاحيان يعود اليها الشعور بالوحدة وتشتاق الى أهلها الا أنها ترفض أن يسيطر عليها اليأس، معتبرة أنها هي من اختار هذا القرار.
الأمثلة على تجارب الشباب مع اليأس لا تنتهي، كل يوم حكاية جديدة بفصول مختلفة. قد تتشابه القصص وقد تتشابه الفصول حتى ككل شيء في هذه الحياة، الا أن المختلف هو كيف ينظر الانسان الى واقعه وكيف يتعاطى معه. أسهل شيء الاستسلام ولكن ذلك مؤداه الى اليأس الذي يصفه مجموعة من الشباب بالموت حتى لو بقي الانسان على قيد الحياة، وقد يكون أصعب شيء المواجهة والتحدي بعد التسلح بالأمل، ولكنه المطلوب لأن الحياة ليست مشكلة يجب حلها، بل انها غموض يجب أن يعاش.. وعلى حد قول المثل الأجنبي: "لا تخشى الضغط، لأن الضغط هو الذي يحوّل الأحجار الصلبة الى جواهر".


No comments:

Post a Comment