صديقتي هي واحدة من الكثيرين الذين قرروا أن يأخذوا كل أساليب الوقاية من كورونا، لدرجة أن تقتصر حياتهم الاجتماعية على عائلتهم الصغيرة وحسب، ولكن حتى العائلة التي تعتبر الملجأ والأمان اخترق هذا الفيروس الصغير حصنها ومعه خسرت امتياز أمانها!
كان المرض الخبيث بالنسبة للناس هو مرض السرطان لأن الخلايا السرطانية تقتحم جسم الانسان بشراسة وعدائية حتى تفتك به، ولكن ألا يليق هذا التوصيف بفيروس كورونا؟
مرض السرطان، رغم خبثه، ولكنه لا يُعدي، ومريض السرطان، حتى آخر لحظة في حياته، يستطيع أن ينعم بدفء عائلته وأحبابه. أما فيروس كورونا فيتسلل بخبث من شخص إلى آخر وأقرب الناس هم الأخطر بنقل العدوى.
مع كورونا حتى الأم باتت تخشى بأن تحضن أولادها كما اعتادت لأنها تخاف عليهم، قد تكون مصابة والفيروس لا يفهم بعاطفة الأمومة.
مع كورونا، الأولاد يخافون على أبويهم أيضاً، يخافون عليهم من أن يزورهم أحد قد يكون مصاباً ويخافون أن يصابوا هم وينقلوا العدوى إلى أهلهم... وهكذا مع كورونا باتت العاطفة مغلفة بحذر التعبير.
مع كورونا بات الشعار: "تعامل مع الآخرين كأنهم مصابون وكأنك مصاب"، مما أفقد العلاقات الانسانية والاجتماعية الكثير من روحيتها.
مع كورونا يموت الشخص وحده مع الآلات في غرفة مستشفى معزولة، والآلات أصنام صماء بكماء لا تجيد العواطف في النهايات؛ لا تستطيع أن تسمع كلمات المريض الأخيرة ولا أن تنقل له كلمات أحبابه وضماتهم الوداعية.
نعم عندما يموت المرء لن يهمه كيف تكون مراسيم العزاء أو الدفن، ولكن أهله ومن يحبونه لن ينسوا أن كورونا منعتهم حتى من أن يودعونه الوداع الأخير.
مع كل رحلة العذاب الانسانية هذه مع كورونا، هناك من يتاجرون بهذا الفيروس، يقامرون بأرواح الناس من أجل المال... وهذا الوباء بالنسبة لهم تجارة مربحة!
كورونا فيروس خبيث اقتحم عالمنا وقلبه راساً على عقب، وقد يكون الرعب منه أكبر من حجمه، اذ أن أغلب من يصابون به يعانون لفترة من الوقت ومن ثم يتعافون، ولكن كم من الوقت سنحتاج لنتعافى من تبعات هذا الفيروس النفسية والانسانية؟
No comments:
Post a Comment